هذه التدوينة جزء من سلسلة تتحدث عن كيفية تجاوز عقارماب لأزمة الكورونا، أنصح ببدأ القراءة من تدوينة المقدمة.
الحقيقة أن مرحلة الصمود لم تستمر طويلاً، ومرحلة التعافي بدأت خلال شهر يونيو وأتضحت معالمها أكثر في يوليو وأغسطس من عام ٢٠٢٠. لكن من أهم الآليات التي نستطيع أن نفترض أنها ساعدت في التعافي السريع هو كيف استطعنا تغيير اسلوب عملنا. طبعاً حاولنا لمدة شهر فتح مصدر إيرادات جديد خارج السوق العقاري، لكن سرعان ما أقتنعنا أنه لا يمكننا تغيير نشاط الشركة بهذه السرعة وأنه يستحسن أن نركز على عملنا الرئيسي. الأمر الجديد كان هو أننا أصبحنا نعمل من المنزل، وفريق عمل عقارماب غير متعود على العمل من المنزل وأيضاً ألية عمل الشركة لا تتناسب مع العمل من المنزل. كان لدينا أنظمة ومبادئ أساسية في أسلوب العمل، حيث عادة نقوم بإصدار تقارير اسبوعية وشهرية على أداء الجميع في الشركة، مما يضمن أعلى مستويات الانتاجية، والآن اصبحنا مطالبين بتكييف هذه الأنظمة لتتناسب مع العمل من المنزل.
اعتقد أننا استطعنا تطوير أنظمتنا بسرعة لتتناسب مع العمل من المنزل، فقد طلبنا من جميع الفرق أن تقوم بعمل اجتماع قصير مدته ١٥ دقيقة في أول كل اليوم، ويجب على الجميع حضوره وهو اشبه بـ Stand Up Meeting، ولكن بعد إنتهاء الاجتماع يقوم قائد الفريق بإرسال إيميل إلى جميع المدراء أعلاه (وأنا معهم) يبين اسم كل شخص وأمامه تقييم أداءه في اليوم السابق، وطبعاً لتبسيط قياس الأداء، اعتمدنا على ٣ ألوان فقط، أخضر يعني أداء الشخص ممتاز، اصفر هناك مشاكل، أحمر هناك تأخير كبير، وهناك أيضاً لون أسود وهو يعني أن الشخص لم يحضر الاجتماع وهو أمر غير مقبول إطلاقاً. وكان التقرير يرسل يومياً ويحتفظ على تاريخ الأداء لل٥ أيام السابقة، بحيث يتضح لنا بوضوح إذا كان هناك شخص لا يقوم بعمله بشكل مستمر بالألوان فقط. هذه الآلية ساعدت بشكل كبير على الحفاظ على مستوى انتاجية عالية في الشركة في ظل ظروف صعبة وعمل عن بعد فرض علينا فجأة. والحقيقة أن فريق العمل أثبت أنه على قدر عالي من المسؤولية، إلا أن هناك بعض الأفراد لم يستطيعوا التكيف مع العمل من المنزل لأسباب مختلفة، وهذا النظام ساعدنا على اكتشاف نقاط الضعف في بعض أفراد الفريق بسهولة وسرعة.
كما ذكرت تحسنت الإيرادات بشكل تدريجي في يونيو ويوليو، وأيضاً بدأنا بالعودة إلى المكتب بشكل تدريجي وكان فريق العمل متعاون وسلس في العودة بالرغم من أن البعض كان بدأ بتفضيل العمل من المنزل. والحقيقة أن تجربة العمل من المنزل كانت تجربة ناجحة لنا ولمعظم الشركات، فعلى الرغم من وجهة نظري التقليدية المحبذة للعمل من المكتب، إلى أني بدأت أقتنع بالعمل من المنزل بشكل أكبر، ووصلت لقناعة أن نجاح العمل الدائم من المنزل يعتمد على شخصية ومدى انضباط الشخص، فهناك جزأ كبير من الناس يستطيعون تنظيم أوقاتهم ولديهم ظروف عائلية تسمح لهم بالعمل من المنزل بنجاح، وهناك أشخاص لا يتناسب معهم هذا الموضوع بتاتاً.
طبعاً كان هناك دائماً تطلع لعودة الدوام الكامل والمرتب الكامل من جميع أعضاء فريق عقارماب، وأذكر في اجتماع مع الفريق الإداري كان البعض يسأل ما الذي سأقوله لفريق العمل في الوقت الحالي، لأن الكثير تأثر سلباً بسبب هذه الأزمة، وكانت إجابتي واضحة وصريحة، لن نتكلم، سنعمل فقط. هدفي الرئيسي هو عودة فريق العمل إلى المرتب الكامل بأسرع وقت ممكن، وعودة إيرادات عقارماب إلى ما قبل الكورونا بأسرع وقت ممكن، والكلام لن يجدي شيئاً.
عادة نقوم بعمل اجتماع لمراجعة استراجية الشركة وتحديد الأولويات الجديدة كل ١٠٠ يوم، وهو اجتماع يشمل الفريق بالكامل نحدد فيه أهدافنا التي سنعمل عليها، وعادة نعقده في فندق فخم ويكون مليء بالنشاطات والحماس وكان الجميع يترقب هذا الاجتماع، لكننا أتفقنا أن الوقت ليس وقت اجتماعات وأن تركيزنا وهدفنا الرئيسي واضح وعلينا تحقيقه بسرعة. والحمدلله نجحنا في استعادة السيطرة على الموقف في الربع الثالث والربع الرابع من ٢٠٢٠، وبدأت ايرادات الشركة في التعافي وبدأت مرتبات فريق العمل بالعودة إلى وضعها الطبيعي واستطعنا توقيع عقود كبيرة وجديدة ساعدت الشركة على العودة إلى وضعها الطبيعي.
في التدوينة القادمة سأتحدث عن النمو الذي تلى هذه الأزمة وكيف تقوم مثل هذه الأزمات أحياناً في تطوير مهارات وإمكانية المؤسسة.
تدوينات السلسلة:
– المقدمة
١- التوقيت
٢- الاستعداد
٣- الصدمة
٤- الصمود
٥- التعافي (هذه التدوينة)
٦- النمو
٧- دروس مستفادة
تعليقان (2) على “٥ – التعافي: كيف تجاوزت شركة عقارماب أزمة كورونا”