فكرتك لا تسوى قرش بدون تنفيذ

مع مرور الوقت، اكتشفت بأن مجموعة الأفكار التجارية التي بحوزتي حالياً لا تسوى شيئاً لأنها مجرد حبر على الورق. كنت في الماضي أحافظ على أفكاري بشكل مبالغ فيه ولا أناقشها مع أي شخص إلا في الحالات الاستثنائية وبعد توقيع إتفاقيات حماية معلومات. وتدريجياً بدأت أعرض أفكاري وأناقشها مع الغير، ولكن هناك بعض الأفكار التي لا تزال سرية والتي أؤمن بأنها قيمة جداً.

في زيارتي الأخيرة لوادي السيلكون في ولاية كالفورنيا، حضرت مؤتمر تك وادي المهتم بالاستثمار التقني في الوطن العربي، وقابلت مستثمر أبدى إعجاب ملحوظ بخبرتي وطلب مني عرض أفكاري عليه. طبعاً وبشكل تلقائي، ارتفع مؤشر الحذر، وبدأت أتفحص ملامحه للتأكد من أنه لن يسرق أفكاري 🙂  وبحكم أن هذا المستثمر صاحب خبرة، استطاع قراءة ملامح وجهي وقام بطمأنتي قائلاً: لا تقلق يا أخي، أنت في وادي السيلكون، في اليوم الواحد أسمع أكثر من 1000 فكرة تجارية مبتكرة، الفكرة ليست مهمة، المهم هو التنفيذ، ورغبة وقدرة صاحب الفكرة على تنفيذها. كان كلامه واضح، مقنع، وجاد، فقررت عرض بعض الأفكار عليه، ونحن حالياً نتدارسها.

عندما عدت إلى الفندق فكرت بالموقف ملياً، ووجدت أن كلامه واقعي.. الفكرة لا تسوى شيئاً بدون تنفيذها. لهذا، أوجه نداء لكل شاب لديه فكرة حبيسة دفتره، أطلقها يا أخي. لماذا لا تبدأ العمل عليها؟ لا توجد لديك الموارد الكافية، ينقصك المال، الخبرة، الإدارة؟ استعن بغيرك، لا تخشى ضياع الفكرة، فمجرد بقاءها على الأوراق هو أكبر ضياع. تحرك وأطلق فكرتك اليوم !

تقرير عن مؤتمر TechWadi

عدت يوم أمس من وادي السيلكون بعد حضور مؤتمر TechWadi. نجاح المؤتمر كان نتيجة الحضور، فالعدد فاق 200 مستثمر ورائد أعمال معظمهم يعملون في مجال تقنية المعلومات والإنترنت، وقد استفدت كثيراً من التعرف على الكثير منهم. أما بالنسبة للندوات والمحاضرات التي ألقيت فلم يقدم فيها شيء جديد وإنما كانت عبارة عن آراء ووجهات نظر. ما أعجبني حقيقة هو قصص المستثمرين ورواد الأعمال الذين قدموا المحاضرات والذين شاركوا في الندوات، وكم أسعدني أن أرى قصص نجاح عربية واقعية.

متابعة قراءة تقرير عن مؤتمر TechWadi

عندما يصبح العالم قرية صغيرة

منذ فترة مررت على موقع مميز يبين حجم التقارب الذي وصلنا إليه، وهو موقع mturk.com التابع لشركة أمازون. في هذا الموقع يتم عرض أعمال بسيطة جداً لكنها تحتاج لعقل بشري ولا يستطيع الحاسوب على القيام بها. وإسم الموقع وراءة قصة طريفة عن اختراع قديم زعم صاحبه بأن لديه آلة تقوم بلعب الشطرنج بذكاء، بينما في الحقيقة كان هناك شخص داخل المكينة. وسبب هذه التسمية، أن المهام المعروضة في هذا الموقع بسيطة لدرجة تجعل احتمال أن يقوم بها الحاسوب ممكناً عن طريق الذكاء الاصطناعي، ولكن يتم إيكالها للبشر لعدم توفر التقنية المناسبة.

طبعاً، لا أنصح أي فرد باستخدام هذه المواقع إلا في حالة حاجته الماسة للمال، لأن المبالغ المدفوعة زهيدة جداً.. مثلاً يحصل الفرد بعد تنفيذ 100 مهمة بسيطة على دولار واحد فقط.. ولكن المهام عادة ما تكون بسيطة لدرجة متناهية، مثل نقل بريد إلكتروني من موقع إلى ملف، أو إعطاء كل صورة إسم مناسب لها.. إلخ. ولكن الحقيقة أن هناك الآلاف من الأفراد يقومون بالعمل في هذا الموقع لحاجتهم للمال ولسهولة العمل، ولعل هذه الظاهرة تمثل عولمة الأيدي العاملة الرخيصة بعد أن تم من قبل عولمة الصناعة وكذلك عولمة الوظائف التقنية والعلمية الرفيعة.

لا يمكننا إنكار تقارب الأماكن بسبب التقنيات التي وصل لها العالم من إنترنت، وإتصالات، وسرعة تنقل البضائع والأفراد، وكل هذا ساهم في تنقل الوظائف والأعمال أيضاً. فأصبحت ظاهرة التعهيد – outsourcing – أمر طبيعي تقوم به كل الشركات الكبيرة، بل أصبح الأفراد يقومون بتوكيل أعمالهم الصغيرة لأفراد مثلم في دول أفقر. بالنسبة للشباب العربي -خصوصاً المتعلم الباحث عن وظيفة-، أنصحهم بالاستفاد من المواقع التي تقوم بتنزيل مناقصات مناسبة تتراوح قيمتها بين 100 و 1000 دولار عادةً، وأشهر هذه المواقع هو موقع freelancer والمشاريع الموجودة عليه معظمها في المجال التقني، ولكن هناك مشاريع تصميم وهندسة ومحاسبة وغير ذلك..

اشتري منك سفينة بشرط تشتري مني الخشب

عندما تقوم حكومات دول العالم الثالث بتوقيع عقد مع شركة عالمية بمليارات أو ملايين الدولارات، فإنها تشترط على الشركة أن يتم تطوير جزء كبير من المشروع محلياً، وطبعاً في بعض الأحيان قد لا تتوفر المهارات المطلوبة، لهذا قد تشترط هذه الحكومات الطموحة من الشركة أن تخصص مثلاً 10 مليون دولار لعقود مخصصة لهذه الدولة في أي مجال، ولا يشترط أن تتم العقود بين الشركة العالمية والحكومة، بل يمكن أن تتم بين الشركة العالمية وأي شركة محلية. بهذه الطريقة تضمن الحكومة عودة جزء مما خسرته في الصفقة الرئيسية إلى البلاد بصورة غير مباشرة، فلو أنها اشترت أجهزة تقنية حديثة مثلاً، فإن الشركة ستكون ملزمة بشراء منتجات أو خدمات من هذا البلد، مثل النحاس، أو النفط، أو القطن، أو حتى توقيع عقود خدمية مع شركات الاستشارات أو التطوير المحلية.

أعتقد بأن هذه الظاهرة إيجابية وتفيد الطرفين، فالحكومة تستطيع التفاوض مع الشركات واختيار الشركة التي ستمنح اقتصادها الوطني أكبر عقد، والشركة العالمية تريد إرضاء عميلها للفوز بالصفقة التجارية وشراء المنتجات من تلك الدولة يعد تبادل منفعي. والسؤال الآن، هل تقوم حكوماتنا العربية بمثل هذا الشيء؟ أنا بصراحة لا أدري، ولكني على يقين بأن حكوماتنا تنفق مليارات الدولارات على عقود عملاقة مع شركات عالمية سنوياً. فما هو المردود للاقتصاد الوطني؟