مسابقة جديدة لرواد الأعمال والمبادرين العرب

أنتقدني العديد من زملائي بخصوص مسابقة إم أي تي، لأني لم أكتب عنها قبل إنتهاء ميعاد التقديم للمسابقة. ها أنا اليوم أكتب مبكراً عن مسابقة جديدة لعام 2009 تقدمها مؤسسة مختلفة. هذه فرصة ممتازة لجميع الشباب الراغبين في إمتلاك مشاريعهم الخاصة، فبصراحة تقديم خطة عمل رسمية هي خطوة قوية في إتجاه تنفيذ المشروع على أرض الواقع. إليكم الرابط:

http://www.mena100.org

العمل الجماعي والمثل الأفريقي

قرأت مثل أفريقي أعجبني كثيراً:
“إمشي وحيداً إن أردت أن تكون سريعاً، وإمشي مع فريق إن أردت أن تصل بعيداً.”

لا شك أن لهذا المثل تطبيقات كثيرة في عالم رواد الأعمال والشباب المبادرين. في أول مشاريعي حاولت العمل مع فريق وكنت أتضايق من بطء اتخاذ القرارات وكثر النقاشات والجدل وكذلك مشاركة الغير في الأرباح والملكية. عندها قررت العمل لوحدي، وبالفعل زادت سرعة تنفيذ المشاريع، وكانت ملكيتي للمشاريع كاملة، ولكن سرعان ما زادت المهام وطغت على قدرتي وأنتهى بي المطاف مقصراً في العمل. عندها بدأت أفكر من جديد في موضوع العمل كفريق، وبدأت أقارن إيجابيات وسلبيات كلا الخيارين، وقررت أخيراً أن أعمل بشكل جماعي شريطة أن يشاركني أعضاء الفريق الرؤية والأسلوب لكي لا نضيع وقتنا في جدالات غير مجدية. صدق الأفريقي الذي قال، إن أردت أن تصل إلى البعيد، فأعمل مع فريق !

عندما أطلقت أحد مشاريعي السابقة، تواصل معي أحد الأخوة وأنتقدني بشدة بخصوص تطوير الموقع، وأتهمني بالكذب والنصب لأنه أدرك بأني لم أقم ببرمجة المشروع بالكامل وإنما أعتمدت على غيري. حاولت جاهداً شرح الموقف للأخ، ولكنه أصر أني كذاب وأنسب الإبداع والإبتكار لنفسي بينما هناك أشخاص آخرين يعملون معي. والحقيقة أني لم أنكر فريق العمل إطلاقاً، وإنما كنت أنسب معظم الإنجازات إلى فريق التطوير. المهم، في الأخير سألت الأخ الكريم، عندما يقوم مستثمر ببناء مشروع عقاري كبير، هل يقوم هو بنفسه بالرسوم الهندسية والتمويل والبناء ورفع الأعمدة، أم أنه يستعين بغيره لتنفيذ المشروع؟ لدينا عقدة عربية خلاصتها هو أنه يجب علينا إكمال المشاريع أو الأعمال بشكل فردي لكي نستحق وسام النجاح، بينما الحقيقة هي أن النجاح مبني على الوصول إلى الهدف البعيد فردياً او جماعياً.

وسع معارفك وداوم الاستطلاع

معظم الخطط التي رسمتها لم أصل إلى نهاية تنفيذها، في بعض الأحيان أصل إلى النهاية، وأحياناً أواجه الفشل، لكن في غالب الأوقات سبب عدم اكتمال تنفيذ الخطة هو بداية رسم خطة جديدة. لم ألاحظ هذا الشيء من قبل، وكنت أظن أن الموضوع صدفة أو ربما تسرع من قبلي، لكن خلال هذه السنة اقتنعت بأن تغيير الخطط وتعديل الاتجاهات شيء إيجابي إذا كان مدروس بدقة. أعتقد أن سبب توصلي لهذه النقطة هو كثرة سفري وتنقلي خلال الستة الأشهر الماضية. بدأت السنة برحلة إلى اليابان والصين، وخلال هذه الرحلة تعرفت على شخصيات مهمة ورجال أعمال ذوي خبرة في مجالهم، وعندما عدت من رحلتي المذهلة رسمت خطة وأنا متحمس جداً لتنفيذها لأنها أفضل بكثير من الخطة التي كنت أعمل عليها. بعد عدة أشهر جاءت رحلتي الثانية والتي شملت عدة عواصم عربية، وهذه المرة تعرفت على شخصيات أكثر أهمية، ورأيت فرص أفضل بكثير، فقررت إعادة رسم الخطة. الأسبوع الماضي سافرت مرة أخرى إلى دبي، وكما تتوقع عزيزي القارئ غيرت الخطة للمرة الأخيرة. الآن أصبحت على قناعة بأني لو سافرت إلى أي مكان أو تعرفت على ناس جدد سأغير خطتي مرة تلو الأخرى.. ولكني قررت أن أركز على مشروع واحد أو خطة واحدة على الأقل لكي استطيع تنفيذها بنجاح. إلا أني قررت عدم الاستعجال هذه المرة في تنفيذ خطتي الأخيرة، سأحاول خلال الأشهر القادمة التعرف على المزيد من الناس والتنقل والتجوال والقراءة والاستطلاع لعلي أجد اهتمامات جديدة. نصيحتي إلى الجميع هو  توسيع المعارف ومداومة الاستطلاع. لا تكتفي وتقتنع بما أنت عليه اليوم، يجب التعرف على ما يدور حولنا في العالم، ويمكن الوصول إلى ذلك عبر قراءة مصادر جديدة غير ما تعتاد قراءته، أو زيارة بلدان جديدة، أو التعرف على شخصيات جديدة. بصراحة.. تعلمت خلال الـ 6 أشهر الماضية من التجوال والتعارف أكثر مما تعلمت خلال الثلاث السنين السابقة. داوم الإستطلاع وتقبل التغيير ولكن في النهاية تأكد من تنفيذ خطة واحدة على الأقل.

وظيفة تفيد شخص أم فكره تفيد شعب

الحكومات العربية تجمع على أهمية خلق وظائف جديدة للحد من ظاهرة البطالة، ولكني استغرب لماذا لا يتم التركيز على السبب الرئيسي لوجود الوظائف (المشاريع والأفكار). لا يمكننا أن نعلق جميع المشاكل على شماعة الحكومة، فعادة الاحظ أن الشباب يتذمر من عدم قيام الحكومة بخلق وظائف جديدة. لحظة.. من قال بأن الوظائف مصدرها الحكومة؟ صحيح أن للحكومة قدرة على توظيف الشباب في المؤسسات والوزارات والدوائر الرسمية، ولكن المفروض أن تكون أغلب الوظائف في القطاع الخاص. لا داعي للتركيز على  التوظيف وخلق الوظائف، يجب التركيز على الإبداع والإبتكار. نتيجة إنشاء مشروع كبير من قبل الحكومة هو عبارة عن استيراد شحنة كبيرة من السمك وإعطاءها للشعب لكي يأكل ويشبع، ولكن عاجلاً أم آجلاً ستنتهي الشحنة وسيطلب الشعب المزيد. يجب أن يتم تعليم هذا الشعب المسكين علوم وأساليب الصيد. صحيح بأن الصيد صعب والنجاح فيه يحتاج إلى عدة وأدوات، لكن أي شخص مثابر يمكنه أن يصطاد من الشاطئ باستخدام خيط بدون صنارة، وحتماً سيكون هنالك من سينجح في هذا المجال ويجلب الخير الوفير له ولمن حوله. خلاصة القول بأن الوظيفة تفيد شخص واحد، أما الفكرة فقد تفيد شعب بأكمله. يجب التركيز على المشاريع الصغيرة وتنميتها لأنها نواة أقتصاد المستقبل.