مهاجرون.. رواد أعمال

منذ فترة وانا افكر في العلاقة بين الهجرة وريادة الأعمال، فقد لحظت علاقة مباشرة وواضحة. معظم المجتمعات المهاجرة تجد فيها ريادة الأعمال قوية ومنتشرة ومرحب فيها. أكبر مثال هو المجتمع الأمريكي المكون من فئات هاجرت من مختلف أنحاء العالم وطبعاً غالبيتهم أوروبيين هاجرو أو تم إرغامهم على الهجرة، ولا شك بأن المجتمع الأمريكي غني بريادة الأعمال ويشجع عليها ويتبناها ويتبنى المخاطرة المصحوبة معها. وما يشدني هو أن أن المجتمع الأوروبي الذي أفرز المجتمع الأمريكي يعاني من ضعف ريادة الأعمال فيه، فهل يعني هذا أن تجربة الهجرة هي ما يساعد على تنمية روح المخاطرة عند الأفراد مما يسهل عليهم الخوض في تجربة ريادة الأعمال وبدأ المشاريع الطموحة؟

ماذا عن المجتمع العربي؟ لعل الشعب اللبناني هو الاكثر هجرة وترحالاً ولا يخفى عن الجميع مدى اهتمام اللبنانيين بالتجارة وريادة الأعمال. وأيضاً هناك فئة من المجتمع اليمني اشتهرت بريادة الأعمال والمتاجرة وهم الحضارم، والمعروف أن معظم الحضارم مهاجرين في مختلف دول العالم من الخليج العربي إلى الجزر الأندنوسية. ولا ننسى هنا أيضاً اليهود الذين يمتلئ تاريخهم بالترحال والهجرة والتهجير والتنقل، والذين أيضاً يمتلئ تاريخهم بالتجارب الريادية والتجارية.

أستطيع أن أقول بثقة أن هناك علاقة مباشرة بين الهجرة وريادة الأعمال، بل وأعتقد بأن الهجرة هي عامل اختيار طبيعي يزيد من احتمال نجاح الرواد المهاجرين، فالشخص الذي يقدم على الهجرة عادة ما يكون قد أتخذ قدر كبير من المغامرة وهو في العادة شخص لا يرضى بأي واقع ويسعى لواقع أفضل. فقط أردت أن أشارككم هذه الأفكار.

اغتنم الفرصة

تواصل معي مؤخراً أحد الأخوة من إحدى الدول العربية وهو في الحقيقة طالب مبتعث إلى الولايات المتحدة الأمريكية وقد سمع بأن لدي معلومات جيدة عن الجامعات الموجودة في الولاية وربما أستطيع مساعدته في اختيار التخصص والجامعة. كنت سعيد جداً لأنه طلب مني المساعدة، فقعدت معه وسألته بحماس كيف يمكنني أن أخدمه، فأخبرني بأنه ينوي الدخول في نفس الجامعة التي تخرجت منها، وكان أول سؤال له هو: هل هي صعبة أم سهلة؟

بصراحة أصابني هذا السؤال بالإحباط مباشرة، وقد يكون السبب أني سمعت هذا السؤال عدة مرات من الطلاب المبتعثين، وتوصلت لقناعة بأن معظمهم يبحث عن طريق مختصر للحصول على الشهادة والعودة إلى بلده. بدأت أشرح للأخ مدى الخطأ الذي سيقدم على إرتكابه إن حاول البحث عن الطريق الأسهل بدلاً من البحث عن التخصص الذي يحبه والجامعات الأفضل التي ستكسبه خبرات تجعله متفوقاً وبارزاً عند عودته إلى بلده. حاولت تشجعيه وأخبرته بأن جميع الجامعات سهلة وأن المسألة في الحقيقة تعود إلى مدى حب الطالب للتخصص، ولكني لاحظت بأن اهتمامه بكلامي بدأ يتناقص، وفجأه اعتذر مني وأخبرني بأنه يريد أن يغادر المجلس لأن أصدقاءه بإنتظاره.

يا للأسف ! هناك الملايين من الشباب يحلمون بمثل هذه الفرصة ولديهم رغبة عارمة بالتعلم واكتساب المعرفة. يا ليته اغتنم الفرصة !

أفضل 1000 دولار أنفقها موقع جيران

أعلن موقع جيران السنة الماضية عن مسابقة لأفضل مقالة عن ريادة الأعمال جائزتها 1000 دولار، وليت كل شركة وكل جهة مهتمة تلتفت لنتائج هذه المسابقة الملموسة والضمنية. في البداية أتوقع أن هناك أكثر من 20 أو 50 شخص شارك في المسابقة وكتب مقالة حكى فيها تجاربه مع ريادة الأعمال، ولربما كان هناك أكثر من 1000 شخص سمع عن المسابقة وعن طريقها تعرف على مفهوم ريادة الأعمال. وشاءت الأقدار أن أفوز بهذه المسابقة، وقررت عندها أن استخدم الجائزة لإنشاء مسابقة ترجم للريادة، وقد فاز فيها 5 متسابقين كلاً منهم سيحصل على 200 دولار عند إنتهاءه من ترجمة إحدى كتب ريادة الأعمال الشهيرة إلى اللغة العربية.

راسلني اليوم الأخ جعفر حجير أحد الفائزين في المسابقة وأخبرني بأنه ينوي إقامة مسابقة جديدة لتصميم النسخة الإلكترونية من الكتاب المترجم، والفائز فيها سيحصل على نصف الجائزة التي سيحصل عليها جعفر، أي كلاً منهم سيحصل على 100 دولار أمريكي. بصراحة أنا سعيد بأن أرى نتائج مبادرة جيران تتواصل، وسيكتمل فرحي عندما أرى خمسة كتب مترجمة ومنتشرة يستفيد منها الشباب العربي مجاناً.

طبعاً المبلغ الذي بدأت به جيران متواضع، والمسابقات التي ولدت من مبادرة جيران أكثر تواضعاً، لكن المسألة ليست في المبلغ أو في حجم المسابقة.. ما أسعدني هو كيف أسهمت وستسهم مبادرة جيران في ترويج ثقافة ريادة الأعمال في الوطن العربي بإذن الله. ولعلها ستحفز جهات ومؤسسات أخرى على إقامة أنشطة ومبادرات مشابهة. تحية لموقع جيران.كوم.