هل سيكون شراء Yahoo لـ Maktoob العربي، مثل شراء AOL لـ ICQ الإسرائيلي؟

في عام 1998، قامت شركة AOL الأمريكية بشراء شركة ميرابلس الإسرائيلية للاستحواذ على برنامجها الخاص بالمحادثة النصية ICQ Messenger مقابل 400 مليون دولار. كان لهذا الحدث أثر كبير على القطاع المعلومات في الإقتصاد الإسرائيلي، ليس لحجم الصفقة بحسب، بل للثورة التي سببتها هذه الصفقة. بعد إنتشار قصة النجاح هذه، أتجه آلاف الشباب الإسرائيلي إلى البحث والتطوير في القطاع التقني، وأدرك المستثمرين الإسرائيليين أهمية هذا القطاع وطيب ثماره. اليوم، أصبحت إسرائيل من أكبر الدول المصدرة للتقنية الحديثة في العالم.

كنت أنتظر بشغف أول صفقة ناجحة في القطاع التقني العربي، وأعتقد بأن شراء ياهو لمكتوب مقابل 80 مليون دولار يمثل نقطة التحول لهذا القطاع. اليوم، أعتقد بأن المستثمر العربي قد أدرك أهمية هذا القطاع، وإمكانية تحقيق الأرباح العالية فيه وربما تفضيله على القطاع العقاري أو أسواق البورصة. أيضاً، أعتقد بأن هذه الصفقة منحت رواد الأعمال المتخصصين في المجال التقني الثقة والأمل.

هناك بوادر بدأت بالظهور مباشرة بعد تلك الصفقة، فموقع طلاسم الأردني فاز بمسابقة نافس فيها شركات أوروبية، وشركة سفير نيتوركز الإماراتية سيتم شراءها من قبل شركة آسيوية.. كلي أمل، بأن صفقة مكتوب ستكون نقطة التحول في السوق التقني العربي، وأننا سنشهد المزيد من قصص النجاح العربية.

رسالة إلى مستثمر عربي

أخي المستثمر،

هناك أوجه عديدة للاستثمار، فهناك استثمار طويل المدى وقصير المدى، عالي المخاطرة ومنخفض المخاطرة، بالإضافة إلى التنوع في القطاعات التي يمكنك الاستثمار فيها. ولكني أدعوك اليوم للاستثمار في الجديد بعيداً عن التقليد. لن أحدد لك قطاع معين مثل الإتصالات أو الإنترنت أو شركات الاستيراد والتصدير، كل ما أريده منك هو أن تستثمر في أي مشروع أو شركة تقدم منتج أو خدمة جديدة ومبتكرة.

أعلم أن الاستثمار في الجديد يعني زيادة نسبة المخاطرة، ولكني أريد أن أذكرك بأهم القوانين الاستثمارية:

الربح = المخاطرة

أي أنه كلما زادت المخاطرة في مشروعك كلما زادت أرباحك، وكلما نقصت المخاطرة وأتبعت الأسلوب التقليدي للاستثمار كلما نقصت أرباحك. طبعاً، هناك وجه آخر لنفس العملة يظهر في حالة فشل المشروع وهو أن زيادة المخاطرة يزيد من الخسارة، ولكن الحكم هنا هو فراستك وخبرتك في اختيار المشروع الذي ستستثمر فيه.

عادة أكتب عن الإبتكار وريادة الأعمال وأوجه كلامي للشباب الطموح والقيادي، ولكني اليوم أخترت أن أخاطبك، لأني مدرك أن المستثمر هو المحرك الفعلي للاقتصاد. للأسف، لاحظت بأن الخيارات الاستثمارية في الوطن العربي محدودة، فنلاحظ المستثمر العربي يركز على الأسواق التالية: البورصة، العقارات، العملات، الذهب، أو الاستيراد والتصدير. اليوم، أدعوك للتمعن في الفرص الأخرى السانحة والغائبة عن أنظار العديد من المستثمرين العرب. أقول الفرص السانحة، لأن الجميع يتجاهلها، ودخولك فيها سهل جداً لقلة عدد المنافسين. لا يتوجب عليك ابتكار فكرة بنفسك أو تعلم حرفة للاستثمار في مجال معين، كل ما عليك هو العمل مع شركة صاعدة أو صاحب فكرة مبتكرة يبحث عن مستثمر.

قد تتساءل، أين هي هذه الشركات؟ وأين هؤلاء المبتكرين؟ أدعوك لزيارة الجامعات العربية والتحدث مع المتخرجين الجدد، فأنا متأكد من أن العديد منهم لديهم مشاريع تخرج قابلة للتطبيق في الأسواق المحلية. أيضاً، هناك مسابقات أفكار وخطط عمل ومشاريع تجارية تقام في الوطن العربي بشكل دوري. يمكنك الإطلاع على الشركات المتقدمة لهذه المسابقات والتواصل معها وبحث الفرص الاستثمارية.

أخيراً، أتركك مع هذه النقاط المهمة:

– ركز على نسبة المردود الاستثماري ROI وليس على حجم المردود. أي المشروع الذي تستثمر فيه 1000 دولار ويربحك 500 دولار، أفضل من المشروع الذي تستثمر فيه 6000 دولار ويربحك 2000 دولار لأن المشروع الأول قدم لك 50% ربح، أما الآخر قدم لك 33% فقط والمخاطرة فيه كانت أكبر بسبب حجم الاستثمار.

– اجتهد في تنويع حقيبتك الاستثمارية، أو كما يقال: لا تضع البيض كله في سلة واحدة. حاول أن تستثمر في قطاعات مختلفة، ومهما كانت الفرصة الاستثمارية مربحة، لا تضع رأس مالك كله في مشروع واحد فقط. استثمر قليل من مالك في البورصة، وقليل في محل يعيد عليك أرباح شهرية، وقليل في مشروع آخر، وقليل في مشروع مبتكر.. إلخ. عندها، إذا أنهارت البورصة أو حصلت أزمة عقارية، سيكون التأثير عليك مقبول ولن يدفع بك إلى أقرب مستشفى.

– إتقي الله في الاستثمار وإياك والربى، فهل أنت مستعد لمحاربة الله ورسوله؟ إن الأرباح الربوية ضئيلة جداً ولا تستحق أن يلتفت لها أي مستثمر بأي حال من الأحوال. أجزم بأن أي بائع متجول في الشوارع يحقق أرباح أعلى مما تقدمه معظم البنوك لزبائنها المخدوعين.

– حاول أن تختار استثمار يفيد مجتمعك، فعندها حتى لو فشل المشروع مادياً، سيحقق فوائد اجتماعية بإذن الله. حاول أن تختار المشروع الذي سيوفر وظائف أكثر لغيرك، أو المشروع الذي سيقدم خدمة يحتاج لها المجتمع. أعجب للاختيارات الاستثمارية التي يقدم عليها هوامير السوق العربي، فمن القنوات الفضائية إلى الشركات الغنائية، وإنتهاءاً بشراء شركات القمار وبيع الخمور.

– أخيراً.. أنصحك بأن تلفت إلى شركات الإنترنت العربية. مؤخراً، أستطاع سميح طوقان الأردني صاحب موقع مكتوب أن يبيع موقعه لشركة ياهو مقابل 75 مليون دولار. تخيل حجم هذا المبلغ، والمدة التي استغرقته لتحقيق المبلغ (تقريباً 10 سنوات). أعلم بأن هذه البداية فقط، وأن الأسواق الأجنبية تباع فيها المواقع بالمليارات. شخصياً، أعرف العديد من الشركات الصاعدة في مجال الإنترنت التي تبحث جاهدة عن مستثمرين، ولكن غايتهم تائهة في أسواق العقارات والبورصة.

ملاحظة: لست خبير مالي أو اقتصادي، لهذا لا تعتمد على كلامي حرفياً. فقط أردت أن أشاركك ما يجول في خاطري !

الأردن – وادي السيلكون العربي

كنت أظن بأن دبي ستكون النسخة العربية من وادي السيلكون الموجود في ولاية كالفورنيا الأمريكية، فبعد انطلاق مشروع مدينة دبي للإنترنت وأفتتاح فروع الكثير من الشركات التقنية الشهيرة مثل: مايكروسوفت، وياهو، وسيسكو، وأوراكل، وغيرها.. توقعت بأن هذه الكتلة التقنية ستسبب ظهور شركات عربية ناجحة في دبي. ولكن خاب أملي عندما أكتشفت أن معظم المكاتب الموجودة في دبي تهتم بالمبيعات أو خدمة العملاء وليس في البحث والتطوير. الآن، بدأنا نسمع عن قرى وواحات تقنية في كلً من السعودية وقطر ومصر وبقية الدول العربية.

لكني بصراحة أرى جلياً بأن الأردن تتصدر بقية الدول في نيل هذا اللقب بجدارة. لعل النجاح الآخير الذي حققته الأردن في المجال التقني هو صفقة مكتوب مع ياهو والتي يعتبرها الكثير من خبراء الإنترنت العرب فاتحة خير لبقية الشركات وشعاع الأمل لمستقبل التقنية العربية. ولكن الحقيقة أن لدى الأردن المكونات الرئيسية لإنشاء بيئة ريادة أعمال تقنية ناجحة. فالموارد البشرية المؤهلة متوفرة، والمبرمجين والمهندسين الأردنيين لا يستهان بقدراتهم، والدعم الحكومي الذي يتصدره مركز الملكة رانيا للريادة فعال جداً، وهناك شركات استثمارية متخصصة في مجال التقني تتمركز في مدينة عمان.

بصراحة أنا متفاءل جداً بمستقبل القطاع التقني في الأردن. ولا شك أن هناك منافسة شديدة من قبل مصر والسعودية والإمارات، ولكن تبقى النتائج الملموسة هي الحكم، وسنرى خلال الفترة القادمة أين سيستقر لقب وادي السيلكون العربي.

مخترع بدون دعم و لا رعاية

قابلت وتعرفت على عدة أشخاص لديهم اختراعات في شتى المجالات، وكلهم يشتكي من نفس المشكلة: لا يوجد دعم كافي من قبل الجهات المختصة، ولا توجد رعاية. أكثرهم نجاحاً حصل على عدة شهائد وجوائز وربما تكريم وظهور على شاشة التلفاز، ولكن حتى اليوم معظمهم لم يجدوا الدعم المطلوب لتطبيق مشاريعهم بشكل تجاري ولنشر وبيع منتجاتهم في الأسواق المحلية والعالمية.

شخصياً، لاحظت هذه المشكلة منذ بداية تعمقي في المشاريع التجارية، فعلى الرغم من أني لست بمخترع، إلا أن لدي ميول للأفكار التجارية المبتكرة. لهذا، كنت أخشى أن أصل لنفس الطريق المسدود الذي وصل إليه هؤلاء الشباب المبدعين. فقد خطرت على بالي عدة مشاريع مميزة بالفعل، ولكني كنت أحتاج لدعم مادي خيالي، أو لأدوات غير متوفرة أو مصانع وآليات مكلفة جداً. عندها، قررت أن أعمل في نطاق قدراتي وإمكانياتي فقط، فبدأت العمل على مشاريع متواضعة أستطيع تمويلها بما لدي من تمويل صغير، أو بالاستعانة بالأصدقاء والأقارب. أعتقد بأن هذا الأسلوب ساعدني كثيراً في تنفيذ مشاريعي، فلم أقعد مكتوف الأيدي متذمر عن عدم وجود الدعم والرعاية، ولكني بدأت أنفذ مشاريعي واحداً تلو الأخر. مع الوقت، بدأت أستعين بشركاء لتنفيذ المشاريع الأكثر صعوبة، فأدخل هذا شريك ليساعد في الدعم المادي، وأدخل هذا كشريك ليساعد في الجانب التقني، وهكذا..

أرى بأن على كل من يريد أن يخترع أن يحدد هدفه من الاختراع، فإما أن يكون الهدف علمي أو أن يكون الهدف تجاري. إن كان الهدف علمي، أي الوصول إلى الاختراع وربما الحصول على براءة الاختراع، فلا أرى أن هناك أي عوائق أو مشاكل ستواجهه في الوطن العربي، وليفتح باب الاختراع على مصراعيه وليبدع مثلما يشاء. أما لو كان الهدف تجاري، أي اختراع منتج جديد لحل مشكلة تواجه المستخدمين، فعلى المخترع أن يراجع واقعه الذي يعيش فيه ويعمل على نطاق قدراته. أذكر أني تعرفت على مخترع يمني أستطاع أن يخترع مروحة هوائية مبتكرة لتوليد الطاقة بطريقة أفضل مما هو متوفر في السوق حالياً، ولكنه اشتكى من عدم توفر الدعم المطلوب. عندما حاولت مساعدته في تنفيذ المشروع اكتشفت بأننا نحتاج إلى رأس مال لا يقل عن ملايين الدولارات، وأدوات ومصانع غير متوفرة في اليمن أو في الوطن العربي بأسره. أعلم بأنه أصيب بإحباط لاسيما وأن لديه عدة اختراعات أخرى لم يستطع تطبيقها على أرض الواقع. أنا متأكد بأن هناك قصص مماثلة في شتى أنحاء الوطن العربي. نصيحة أقولها بحرقة مصحوبة بنظرة واقعية، يجب ان نعمل في نطاق قدراتنا وبالموارد المتوفرة لدينا، خصوصاً في بداية المشوار، فبعد تحقيق عدة نجاحات صغيرة، سيكون من السهل جداً تنفيذ المشاريع الأكبر بإذن الله.

العلاقة بين العالم الأكاديمي ورواد الأعمال

سبق وأن أشرت إلى أهمية البحث والتطوير في الشركات العربية، وكذلك أشرت إلى أهمية التنسيق بين الجامعات والشركات لبحث سبل التعاون. اليوم أريد أن أتكلم عن العلاقة بين العالم الأكاديمي (الجامعات والبروفوسورات) ورواد الأعمال. مع افتتاح الصرح العلمي الجديد في السعودية KAUST أرى فرص جديدة للإبتكار العلمي والتكنولوجي في العالم العربي. لا شك بأن لدينا العديد من البروفوسورات والعلماء والباحثين الذين يعملون بكد في شتى أنحاء الجامعات العربية. أعلم يقيناً بأن هناك العديد من الشركات الكبيرة والحكومات التي تعتمد على هؤلاء الخبراء لمساعدتهم على حل مشاكلهم.

اليوم، قرأت مقالة كتبها رائد أعمال سابق وأكاديمي مخضرم في جامعة دوك الأمريكية. خلاصة كلام البروفوسور فيفيك هو أنه كما تقوم الشركات بالتواصل مع الأكاديميين للاستعانة بهم، على رواد الأعمال أن يتعرفوا على آخر الابتكارات والأبحاث التي وصل إليها هؤلاء الأكاديميين. فبطبيعة الحال، معظم الباحثين والعلماء والبروفسورات لا توجد لديهم غريزة تجارية، وإنما غايتهم في البحث والإبتكار هو الوصول إلى إنجاز علمي. ونتيجة هذه الظاهرة هو تكدس نتائج الأبحاث والابتكارات التي وصل إليها هؤلاء النوابغ في المكاتب والأرشيفات دون أن يتم دراسة جدواها للنظر في إمكانية تسويقها كخدمة أو منتج. نصيحة البروفوسور فيفيك لرواد الأعمال هي أن يتوقفوا عن محاولة تطوير برامج غير مجدية لجهاز الأي فون وما شابه، فخبرتهم ومهاراتهم تكمن في تحليل حاجة السوق وإطلاق الشركات الصاعدة وليس في الابتكار. لهذا يمكنهم الاستعانة بمن يتقن البحث العلمي والإبتكار الحقيقي.

كالعادة، أنتظر الإنتقاد والتصحيح والتذكير بواقعنا المرير في الوطن العربي. أعجبتني الفكرة فقررت أن أكتب عنها، لعل أحد القراء الأعزاء يقوم بمحاولة تطبيقها.