العولمة وكيفية استفادة الشباب منها

لا شك في أن للعولمة أضرار على مجتمعاتنا الإسلامية والعربية، خصوصاً في الجانب الاقتصادي وهو الجانب الذي سأناقشه اليوم. لكني أرى بأن هذه الظاهرة تقدم فرص وإيجابيات يمكن أن يستفيد منها شبابنا ويحول الأضرار إلى فوائد. إن ما تقوم به العولمة هو دمج وتسوية المنتجات والشركات والدول والشعوب والثقافات. سأحاول حصر النقاش اليوم على نطاق المنتجات والشركات، وسأتجنب علاقة العولمة بالشعوب والثقافات لأن هذا الموضوع شائك وليس لدي خبرة كافية فيه. إذاً.. كيف يمكن الاستفادة من ظاهرة العولمة على النطاق التجاري؟


في البداية أحب أن أذكر بعض الأمثلة عن العولمة التجارية. الكثير من الشركات الأجنبية تضع عولمة المنتج أو الشركة كأكبر هدف يمكن الوصول إليه، أي أنهم يسعوا إلى تحويل منتجهم من منتج محلي إلى منتج عالمي يمكن شراءوه في أي مكان في العالم. طبعاً، العوائد المادية من مثل هذا الهدف هائلة، فبدلاً من تسويق المنتج إلى 300 مليون شخص وفي النهاية يقوم 2 مليون فقط بالشراء، يمكن تسويق المنتج إلى 5 بليون شخص لكي ينتهي المطاف بـ 100 مليون مشتري. الشركات العالمية مثل كوكا كولا وماكدونالدز وتويوتا وستاربكز أبدعت في هذا المجال، وأصبحت منتجاتهم هي الرائدة عالمياً. طبعاً، هناك أضرار تنتج عن هذه الظاهرة في الأسواق المحلية، حيث تصعب على الشركات الصغيرة منافسة الشركات العالمية، وينتهي المطاف بزيادة غنى الغني وفقر الفقير، ولكن لنتجنب نقاش هذا الموضوع لأن الوضع الراهن يستدعي نظرة إيجابية يتبعها عمل بجد ونشاط.

يعتبر الإنترنت أهم عوامل ازدهار العولمة، فمن خلاله تم تسهيل عمليات الدفع والتواصل وربط العرض بالطلب. وبما أن الإنترنت متوفر في مجتمعاتنا، فما الذي يمنعنا في المشاركة في هذه الظاهرة والإبداع فيها بدلاً من التذمر من اكتساح الشركات الأجنبية لأسواقنا. أعلم بأن العديد سيبدأ بإنتقاد الحكومة أو النظام التعليمي أو توفر الفرص والدعم المادي والمعنوي. حقيقة، هذه شماعة أعذار قديمة يغمرها غبار الأجداد والآباء. اليوم، وبوجود الإنترنت، جميع الأبواب مفتوحة على مصراعيها أمام الشباب الطموح.

كتبت كثيراً عن هذا الموضوع، وسأواصل مشوار كتابتي لعل كلماتي تفيق بعض الأخوة والأخوات. نحن في عصر العولمة، أي لا يهم أين تم صناعة المنتج، لأنه يمكن بيعه في أي بلد في العالم. كذلك، تنطبق العولمة على صناعة الخدمة، فلا يهم من هو الشخص الذي يقدم الخدمة، ما دام المستفيد قادر على الحصول عليها في بلده. إذاً ما الذي يمنع شبابنا عن تقديم خدماتهم للعالم، فجميع الباحثين عن الخدمات لا يهمهم موقعك أو جنسيتك، كل ما يهمهم هو توفير الخدمة المناسبة بالسعر المناسب. خريجي الجامعات لا زالوا يبحثون عن أعمال في أسواقهم المحلية، والبعض يبحث عن فيزة عمل للهجرة إلى بلاد الغربة. لماذا لا يبحث الخريج عن زبائن له في الخارج، ويقدم لهم خدماته من بلده.

لا شك في أن عملية تصدير الخدمات في بعض المجالات صعبة أو شبه مستحيلة، ولكن تبقى العديد من المجالات مفتوحة. كل ما يجب علينا الحصول عليه للبدء في هذا المجال هما شيئين: اللغة الإنجليزية وإجادة استعمال الحاسوب والإنترنت. إن أكبر الشركات الأمريكية والأوروبية تقوم بنقل العديد من أعمالها إلى الصين والهند والمكسيك نظراً لرخص الأيدي العاملة هناك. الكلام في هذا الموضوع يطول، وقد عودت قراء مدونتي على اختصار المواضيع، لهذا سأعطي أمثلة سريعة عن كيفية الاستفادة من العولمة:

– ترجمة: يمكن الترجمة من اللغة العربية إلى الإنجليزية، أو أي لغة أخرى تجيدها. يمكنك إقامة موقع إلكتروني متخصص في هذا المجال، وتسويق خدمتك لكل الشركات والأفراد في العالم. عند نجاحك في الحصول على زبائن عن طريق توفير الخدمة مقابل أسعار منافسة على المستوى العالمي، يستطيع زبائنك التعامل معك عبر الإنترنت، فالمبالغ المالية يمكن تحويلها إلكترونياً، والملفات المترجمة يمكن إرسالها إلكترونياً كذلك.

– برمجة الحاسوب: هذا النطاق هو الأشهر في هذا المجال، لهذا فالمنافسة شديدة جداً هنا، لذى يجب التميز والتركيز على نطاق معين فقط. مثلاً، كن خبيراً في إنشاء البرامج لأجهزة الهاتف الحديثة مثل الأي فون، أو مطور لمواقع الويب 2.0 أو 3.0. هناك مواقع عديدة، يتم فيها تنزيل الأعمال كمناقصات، بحيث يمكنك المزايدة عليها ومحاولة الحصول على العمل.

– تصدير: يمكن عرض المنتجات المحلية للبيع عبر موقع إلكتروني، وإذا تم التسويق بنجاح ووضع السعر المناسب، يمكن جذب عدد من المشتريين بحيث تقوم بشحن المنتجات عند استلام الدفعية.

– هندسة معمارية: إذا كنت مبدع في مجالك يمكنك عرض جميع أعمالك في موقعك. وإذا كانت أسعارك مناسبة سيتواصل معك العديد لطلب تصاميمك عبر الإنترنت.

– تصميم إلكتروني: مصممي الجرافكس والأفلام الثلاثية الأبعاد لديهم فرصة كذلك في عرض أعمالهم وخدماتهم عبر الإنترنت.

– دروس خصوصية: مع تطور تقنيات التواصل عبر الصوت والصورة، يمكن تقديم دروس خصوصية في شتى المجالات عبر الإنترنت.

– طباعة تقارير: هناك العديد من الشركات التي لديها آلاف الأوراق التي تحاول إدخالها في قواعد بيانات إلكترونية، وكل ما تحتاج له هو شخص يقوم بطباعتها. يمكن لأي شخص استلام الأوراق عبر البريد وإدخال البيانات عبر الإنترنت.

أنا متأكد من أن هناك المزيد من الفرص، لهذا الباب مفتوح أمام الجميع للإبداع الخدمي في ظل العولمة..

4 تعليقات على “العولمة وكيفية استفادة الشباب منها”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *