مخترع بدون دعم و لا رعاية

قابلت وتعرفت على عدة أشخاص لديهم اختراعات في شتى المجالات، وكلهم يشتكي من نفس المشكلة: لا يوجد دعم كافي من قبل الجهات المختصة، ولا توجد رعاية. أكثرهم نجاحاً حصل على عدة شهائد وجوائز وربما تكريم وظهور على شاشة التلفاز، ولكن حتى اليوم معظمهم لم يجدوا الدعم المطلوب لتطبيق مشاريعهم بشكل تجاري ولنشر وبيع منتجاتهم في الأسواق المحلية والعالمية.

شخصياً، لاحظت هذه المشكلة منذ بداية تعمقي في المشاريع التجارية، فعلى الرغم من أني لست بمخترع، إلا أن لدي ميول للأفكار التجارية المبتكرة. لهذا، كنت أخشى أن أصل لنفس الطريق المسدود الذي وصل إليه هؤلاء الشباب المبدعين. فقد خطرت على بالي عدة مشاريع مميزة بالفعل، ولكني كنت أحتاج لدعم مادي خيالي، أو لأدوات غير متوفرة أو مصانع وآليات مكلفة جداً. عندها، قررت أن أعمل في نطاق قدراتي وإمكانياتي فقط، فبدأت العمل على مشاريع متواضعة أستطيع تمويلها بما لدي من تمويل صغير، أو بالاستعانة بالأصدقاء والأقارب. أعتقد بأن هذا الأسلوب ساعدني كثيراً في تنفيذ مشاريعي، فلم أقعد مكتوف الأيدي متذمر عن عدم وجود الدعم والرعاية، ولكني بدأت أنفذ مشاريعي واحداً تلو الأخر. مع الوقت، بدأت أستعين بشركاء لتنفيذ المشاريع الأكثر صعوبة، فأدخل هذا شريك ليساعد في الدعم المادي، وأدخل هذا كشريك ليساعد في الجانب التقني، وهكذا..

أرى بأن على كل من يريد أن يخترع أن يحدد هدفه من الاختراع، فإما أن يكون الهدف علمي أو أن يكون الهدف تجاري. إن كان الهدف علمي، أي الوصول إلى الاختراع وربما الحصول على براءة الاختراع، فلا أرى أن هناك أي عوائق أو مشاكل ستواجهه في الوطن العربي، وليفتح باب الاختراع على مصراعيه وليبدع مثلما يشاء. أما لو كان الهدف تجاري، أي اختراع منتج جديد لحل مشكلة تواجه المستخدمين، فعلى المخترع أن يراجع واقعه الذي يعيش فيه ويعمل على نطاق قدراته. أذكر أني تعرفت على مخترع يمني أستطاع أن يخترع مروحة هوائية مبتكرة لتوليد الطاقة بطريقة أفضل مما هو متوفر في السوق حالياً، ولكنه اشتكى من عدم توفر الدعم المطلوب. عندما حاولت مساعدته في تنفيذ المشروع اكتشفت بأننا نحتاج إلى رأس مال لا يقل عن ملايين الدولارات، وأدوات ومصانع غير متوفرة في اليمن أو في الوطن العربي بأسره. أعلم بأنه أصيب بإحباط لاسيما وأن لديه عدة اختراعات أخرى لم يستطع تطبيقها على أرض الواقع. أنا متأكد بأن هناك قصص مماثلة في شتى أنحاء الوطن العربي. نصيحة أقولها بحرقة مصحوبة بنظرة واقعية، يجب ان نعمل في نطاق قدراتنا وبالموارد المتوفرة لدينا، خصوصاً في بداية المشوار، فبعد تحقيق عدة نجاحات صغيرة، سيكون من السهل جداً تنفيذ المشاريع الأكبر بإذن الله.

13 تعليقا على “مخترع بدون دعم و لا رعاية”

  1. حياك الله اخي المتميز عماد

    يفتقد الباحثين عن تمويل لا ختراعاتهم او افكارهم لدرارسة جدوى مقنعة عملية مربحة و يكاد البعض منهم لا يملك فكره عن كيفية عمل دراسة جدوى.

    و هنا اطرح سوأل ارجو ان اجد له اجابة, من خصائص المبدعين انهم غير منظمين او فوضوين في مكاتبهم, غرفهم وطريقة عملهم و هم الاشخاص الذين ياتون بالافكار الابداعيةو في نفس الوقت يشعرون بالملل من الاشياء التي هي من غير اختصاصهم, فكيف نتوقع منهم ان يكونوا ناجحين في جلب التمويل ؟

    ودي و تقديري

  2. أهلاً أخي فارس، وشكراً على متابعتك..

    النقطة التي ذكرتها بالفعل صحيحة، وأستطيع أن أضيف إليها صفة ثانية من صفات المخترعين خصوصاً في الجوانب العلمية. معظم المخترعين والمفكرين تجدهم إنطوائيين وغير اجتماعيين، همهم هو الوصول إلى حل لمشكلة وليس التعامل مع المستثمرين وشرح الجدوى التجارية .. إلخ.

    لا أدري ما هو الحل الأمثل للنقطة التي ذكرتها، ولكني انصح بالاستفادة من مفهوم الشراكة. فالمبتكر والمخترع يستطيع أن يشترك مع رائد أعمال ذو خبرة تجارية وتسويقية بحيث يركز المخترع على الجانب التقني او العلمي، ويركز رائد الأعمال على عرض الفكرة على التجار والمستثمرين وتسويقها. اليد الواحدة لا تصفق، ولكل إنسان نقاط ضعف ونقاط قوى، والتعاون هو الحل الأمثل لتنفيذ المشاريع الكبيرة.

  3. أعجبني الموضوع و النقاش و على أمل أن يصل لاكبر قدر ممكن

    نعم المشكلة العظمي تدور حول المخترع او المبتكر نفسه و ليس حول التمويل حيث أن التمويل موجود و لربما يكون صعب بعض الشيء و لكن و بعد قراءة سير الكثيرين لم أجد أي منهم قد وجد التمويل و حصل عليه بسهولة

    هناك دائما حاجة لوجود دراسة جدوى و هذا يعد جانب اداري و في حال لم يملك الشخص أي مهارات ادارية تواصلية اجتماعية فانه بالعادة يبحث عن حاضنات اعمال لتقوم بهذا العمل عنه و لعل شحها في عالمنا العربي – مع ان هناك بضع حاضنات بدئت في السعودية و لكني اتكلم عن باقي العالم العربي – يؤدي الى احساس المخترعين بالاحباط و لذا هناك حلين

    في حال عدم توفر حاضنة اعمال فلعيك بحلين:

    الاول : تعلم هذه المهارات و التدريب عليها في حالم لم تمتلكها (كيف تبني دراسة جدوى – كيف تقنع مستثمر لتبني مشروعك أو فكرتك – أو كيفية تنفيذ هذا المشروع او الفكرة)

    الثاني: الدخول مع شريك متخصص في هذه الامور (مثلما فعل مؤسس موقع TripAdvisor كما كتبت قصة نجاحه في مدونتي

    بالتوفيق للجميع

  4. أهلاً وسهلاً بالأستاذ محمد بدوي،

    بالفعل المشكلة عادة تكمن في قدرات المخترع نفسه. أنا أرى بأن الحل الثاني أسهل وأفضل. من الصعب جداً إتقان كتابة دراسة الجدوى وخطة العمل، يمكن التعلم، ولكن لن يصل المخترع بسهولة إلى المستوى المطلوب لعرض الفكرة على المستثمرين وإقناعهم.

    أنا أرى بأن الدخول مع شريك متمرس في الجانب التجاري يحل المشكلة ويسهل على المخترع تنفيذ مشروعه. إذا كان الاختيار موفق، فقد تنتج طاقة إضافية – Synergy – من الشركة، بحيث تصبح النتيجة 1+1= 3.

    حاضنات الأعمال بداءت بالإنتشار بشكل سريع، هناك حاضنات في سوريا، ولبنان، واليمن، والسعودية، ومصر، والإمارات. هذه هي التي أعرفها شخصياً، وأكيد أن هناك المزيد في بقية الدول. والاستعانه بها أمر طيب فهي توفر الخبرة المطلوبة لمساعدة المخترع على تنفيذ المشروع.

    شكراً على مرورك وعلى إثراءك للموضوع..

  5. انا اعتقد بانو المخترع ان وجد الفكرة توقف الامر على الدولة تسوق لفكرته او توجد نظام دعم وتسويق لفكرة المخترع
    مو كل المخترعين قادرين عن التسويق لانفسهم في انظمة لتبادل الخبرات والدعم في الدول الغربية
    كمان لازم حفظ حقوق المخترع ويكون هناك نظام بالدولة حازم لهذا الامر

  6. أخي أنس..

    إسمح لي أن أختلف معك.

    لماذا نوكل الدولة مهمة ليست من اختصاصها. دولنا العربية بالكاد تستطيع إدارة مهامها الرئيسية، فكيف لها أن تقوم بدعم الاختراع وتسويقه. أنظمة الدولة بطيئة وبيروقراطية، ففي حالة وجود مؤسسة حكومية لدعم اختراع، سيبدأ التسويق بعد أن يكون المنافسين قد قدموا اختراعات أفضل وبعد أن يفوت الأوان.

    أعلم بأنه من الجميل أن تكون جهات حكومية داعمة، ولكن الحقيقة أن أفضل دعم يأتي من المخترع نفسه، ومن فريق العمل الخاص به. أيضاً، الجانب الأهم هو الجانب الاستثماري، فلو أن اختراعه بالفعل ناجح وله أهمية، لن يتردد المستثمرين من دعمه والاستثمار في مشروعه لتسويق المنتج أو الخدمة والربح منها.

    دور الحكومة في جانب حفظ حقوق المخترع وحمايته مهم جداً. وهذا الجانب لا يقتصر في منح المخترع براءة الاختراع، وإنما في تنفيذ قوانين الحماية ومعاقبة أي مخالف لهذه القوانين.

  7. صراحة اخي عاد اتيت على الجرح , فلا دعم للمخترع وللمبتكر و لا للمبدع في وطننا العربي خصوصا بلادنا اليمن , التي التقيت انا بالكثير من المخترعين الذين طفح الكيل بهم من الاهمال , رغم ذلك قبلتشاب من مأرب اليمنية قام بابتكار جهاز تسخين مركزي للماء وتم تنفيذ المشروع لاحثا بمصنع متكامل بدعم من ماليزيا !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

  8. أخي ماجد،

    بالفعل قابلت أنا كذلك العديد من المخترعين وهم يعانوا من نفس المشكلة.

    يجب علينا التوقف عن توقع المساعدة والدعم من الحكومات. فحكوماتنا بصراحة تواجه تحديات كثيرة، لهذا يجب علينا التركيز على تسويق إبتكارتنا بأنفسنا أو مباشرة بالتعامل مع المستثمرين.

    تحياتي

  9. السلام عليكم
    لقدبذلت اكثر من جهد من اجل ان اصل الى الى صناعت منضفات من نسج الطبيعة حتى تمكنت
    بحمد اللة بصناعت اكثر من عشرين نوعا باعلا جودة وبالاضافة الى اشياء اخى صنعتها نا يدويا
    ولكن معرفنا اى دعم واحيا نجد بض الناس يزيد الامور تعقيد

  10. اذكر عند انتهائي من مشروع التخرج الذي احدث ضجة نوعاً ما سواء في الكلية او الاعلام او عند المسؤولين و بعدها انتهى الموضوع و كأن شيء لم يكن … اذكر انني تضايقت وقتها من نفس الاسباب, فجميع المقومات موجودة و لكن تحتاج الى رعاية و دعم.

    اليوم اتذكر الموضوع .. و الوم نفسي …. لماذا تنتظر الرعاية و الدعم؟ بل اليوم أرى ان الرعاية الجاهزة و الدعم الجاهز الاعمى شيء من الدلع الذي لا يحصل عليه حتى الغربيين!

    كفانا اتكالاً على احد في التوصل الى انجازاتنا … يجب ان يكون المرء مستعد لمواجهة كل المشاكل و التفكير في حلها بدلاً من التبرير و اللوم و البكاء و العويل .. الموضوع يحتاج الى همّة عالية و نفس طويل و اصرار و عزيمة …

    محمد سعيد حارب, مخرج المسلسل الكرتوني فريج.. اصطدم بنفس العائق و هو تجهيز دراسة جدوى اقتصادية و غيرها من المتطلبات .. و هو شخص متخصص لا علاقة له بهذه الامور .. و لكنه دخل في هذه المعمعة لاكثر من سنة كاملة يأخذ الاستبيانات و يلف على الناس يأخذ ارائهم و يسأل عن الاسعار و غيرها من التفاصيل المملة و التي لا علاقة بها بتخصصه … و اليوم انظر الى اين وصل.

    الموضوع يحتاج همّة عالية و نسيان اللوم و البحث عن مبررات

    موفقين

  11. اذكر عند انتهائي من مشروع التخرج الذي احدث ضجة نوعاً ما سواء في الكلية او الاعلام او عند المسؤولين و بعدها انتهى الموضوع و كأن شيء لم يكن … اذكر انني تضايقت وقتها من نفس الاسباب, فجميع المقومات موجودة و لكن تحتاج الى رعاية و دعم.

    اليوم اتذكر الموضوع .. و الوم نفسي …. لماذا تنتظر الرعاية و الدعم؟ بل اليوم أرى ان الرعاية الجاهزة و الدعم الجاهز الاعمى شيء من الدلع الذي لا يحصل عليه حتى الغربيين!

    كفانا اتكالاً على احد في التوصل الى انجازاتنا … يجب ان يكون المرء مستعد لمواجهة كل المشاكل و التفكير في حلها بدلاً من التبرير و اللوم و البكاء و العويل .. الموضوع يحتاج الى همّة عالية و نفس طويل و اصرار و عزيمة …

    محمد سعيد حارب, مخرج المسلسل الكرتوني فريج.. اصطدم بنفس العائق و هو تجهيز دراسة جدوى اقتصادية و غيرها من المتطلبات .. و هو شخص متخصص لا علاقة له بهذه الامور .. و لكنه دخل في هذه المعمعة لاكثر من سنة كاملة يأخذ الاستبيانات و يلف على الناس يأخذ ارائهم و يسأل عن الاسعار و غيرها من التفاصيل المملة و التي لا علاقة بها بتخصصه … و اليوم انظر الى اين وصل.

    الموضوع يحتاج همّة عالية و نسيان اللوم و البحث عن مبررات

    موفقين

  12. اذكر عند انتهائي من مشروع التخرج الذي احدث ضجة نوعاً ما سواء في الكلية او الاعلام او عند المسؤولين و بعدها انتهى الموضوع و كأن شيء لم يكن … اذكر انني تضايقت وقتها من نفس الاسباب, فجميع المقومات موجورير و اللوم و البكاء و العويل .. الموضوع يحتاج الى همّة عالية و نفس طويل و اصرار و عزيمة …

    محمد سعيد حارب, مخرج المسلسل الكرتوني فريج.. اصطدم بنفس العائق و هو تجهيز دراسة جدوى اقتصادية و غيرها من المتطلبات .. و هو شخص متخصص لا علاقة له بهذه الامور .. و لكنه دخل في هذه المعمعة لاكثر من سنة كاملة يأخذ الاستبيانات و يلف على الناس يأخذ ارائهم و يسأل عن الاسعار و غيرها من التفاصيل المملة و التي لا علاقة بها بتخصصه … و اليوم انظر الى اين وصل.

    الموضوع يحتاج همّة عالية و نسيان اللوم و البحث عن مبررات

    موفقين

  13. شكرا جزيلا لاثارتك هذا الموضوع
    وبصدق وانا من هؤلاء لن نصل نحن العرب الى ما نصبوا اليه لانه ببساطة لا نستطيع تغيير العقلية العربية ومن خلال تجربتي وصل بي الامر في بعض الاحيان الى التفكير في الانتحار والحمد لله عزيمة البقاء والحياة كانت اقوى كما انني ندمت على اليوم الذي دخلت فيه المدرسة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *