أدعوكم إلى الاسكندرية – تجربتي بعد ١٢٠ يوم

كانت خطوة مباركة وقرار صائب عندما اخترت أن افتتح مكتب عقار ماب في مدينة الاسكندرية، فحينما اتخذت هذا القرار سألني الكثير لماذا الاسكندرية؟ وأجبت عليهم بهذه التدوينة. لكني اليوم أريد أن أكتب عن تجربتي الحقيقية بعد مرور ٤ أشهر.

بصراحة كنت أتصور بأن أكون مخطأ في بعض توقعاتي لهذه المدينة، لكن الأمر الغريب أن الله وضع البركة في هذه الخطوة وكل ما كنت أبحث عنه وجدته. لقد أحببت مدينة الاسكندرية من النظرة الأولى، من طريقة تعامل سائق التاكسي المختلفة تماماً عن باقي المدن المصرية بل والعربية. أذكر بأني كنت شديد الحذر عند ركوب أي تاكسي، أقوم بمحاولة إبرام عقد شفهي مع السائق كامل الشروط ومستوفي الأحكام لتجنب مفاجئات ما بعد الوصول، ولكن في الاسكندرية الأمر مختلف. الكل يقول (اللي تجيبه) وفي البداية كنت أظنها إحدى حركات الشطارة المعروفة، والتي عادة ما تنتهي بشجار بسبب عدم وجود إتفاق واضح، لهذا كنت أصر على أن نتفق على سعر، وقلما كان يوافق سائق التاكسي على إبرام هذا الاتفاق. بعد فترة اكتشفت أن هذا هو النظام السائد في اسكندرية، تركب التاكسي، ويوصلك وتعطيه مبلغ متعارف عليه تقريباً، لكن فيه سلاسة كبيرة، أحياناً تعطيهم على نفس المشوار ٥ جنيه، واحياناً ٣ جنيه، وأحياناً ٢ جنيه ! حسب الزحمة وحسب وضعك، و٩٠٪ من السائقين يأخذ المبلغ ويشكرك، و٧٪ يطلب زيادة بسيطة بشكل مؤدب، و٣٪ يحاول الحصول على مبلغ أكبر بطريقة غير لائقة – وهذا امر نادر جداً. المهم، هذه هي اسكندرية وهؤلاء هم أهلها، وهذا هو اسلوب تعامل أبسط طبقة في هذه المدينة، فما بالكم في بقية المجتمع؟

أرجع لأناقش النقاط التي ذكرتها في تدوينة لماذا الاسكندرية؟

– تكلفة المعيشة: تكلفة المنتجات في مصر لا تختلف عن تكلفتها في باقي دول العالم، شكراً للعولمة التي سببت تساوي الأسعار في كل مكان. لكن الحمد لله أن عولمة القوى العاملة لم تصل إلى مستوى عولمة المنتجات، فالأيدي العاملة في مصر لا تزال رخيصة جداً مقارنة بباقي دول الوطن العربي. أيضاً، أسعار الإيجارات هنا مناسبة جداً، وأعتقد أنها تعد من الأكثر رخصاً في المنطقة.

– قرب المدينة من الأسواق الاستراتيجية: قطار الاسكندرية – القاهرة عملي جداً (ذهاب وإياب بـ ١٢ دولار)، يأخذ ساعتين ونصف، ويتحرك دائماً في الموعد المحدد، ويمكن حجز تذاكره عبر الإنترنت، والأهم من هذا كله، يمكنك استخدام الإنترنت وأنت على القطار. لدي بعض العملاء في القاهرة وقد قمت بزيارتهم قرابة ١٠ مرات. بصراحة، أرى بأن اختياري للاسكندرية كان قرار صائب، بالرغم من أن السوق الأكبر في مصر هو بالتأكيد في القاهرة.. لكن مشوار الساعتين ونصف لا يختلف عن مشوار الساعتين الذي يضطر أن يأخذه سكان القاهرة أنفسهم للتنقل داخل مدينتهم 🙂 أيضاً، وجود مطار برج العرب ومطار النزهة ووجود رحلات مباشرة من الاسكندرية إلى الكثير من المدن العربية جعل تنقلي في المنطقة أمر غاية في السهولة..

– توفر الكفاءات العالية: أعتقد بأني لم أعطي هذه النقطة ما تستحقه من اهتمام، فأكبر ما استفدت منه منذ انتقالي هنا هو تكوين فريق عمل جاد، نشيط، وكفء! كلما أعلن عن وظيفة يتوافد علي عدد كبير من المؤهلين من أهل الاسكندرية المغرمين ببلدهم والغير مستعدين للابتعاد عنها، مما يجعل فرصة الانضمام لعقار ماب بالنسبة لهم فرصة مميزة، وهذا بالطبع يزيد من حماسهم في العمل وبناءهم للشركة. حقيقة، كسبت كثيراً عندما اخترت الاسكندرية، ففي القاهرة كنت سأجد نفس الكفاءات وربما أفضل، لكن الرواتب ستكون أعلى، وأيضاً الـ Turnover (أي معدل تنقل الموظفين بين الشركات) سيكون أعلى بسبب وجود فرص كثيرة هناك. الآن لدي فريق يتكون من ١٢ موظف أعتز بهم واعتمد عليهم في تنفيذ رؤية عقار ماب.

في الأخير .. أعتذر عن الإطالة، وحقيقة أني كتبت أكثر مما سأنشر في هذه التدوينة، ولكني قررت نقل بعض الفقرات الطويلة إلى تدوينة أخرى، فمن شدة فرحتي بوجودي هنا.. لدي الكثير لأقوله عن هذه البلدة الطيبة وعن أهلها الطيبيين. لا أريد أن أضيع هذه الفرصة لأدعو كل رائد أعمال جاد في تكوين شركة إنترنت عربية تستطيع المنافسة على المستوى الدولي بإذن الله.. لماذا لا تأتي إلى الاسكندرية؟ إيجار مكتبك سيكلفك بين ٢٠٠ و ٣٠٠ دولار، رواتب الموظفين تبدأ من ١٠٠ دولار (أغلبية الوظائف البسيطة والمتخرجين الجدد من الجامعات سيقبل هذا الراتب المتواضع خصوصاً إذا كانت الشركة وطبيعة العمل نفسه محفز). وأخيارً الإنترنت رخيص ومتوفر. لماذا لا؟ فكر في هذا الأمر جيداً، خصوصاً إذا كان عميلك على الإنترنت ولست بحاجة لمقابلته بشكل دائم.

إذا وجدت قبول لهذه الفكرة عندك، أدعوك لحضور Startup Weekend Alexandria آخر هذا الشهر لاستطلاع المنطقة والتعرف على مدينة اسكندرية المتميزة..

17 تعليقا على “أدعوكم إلى الاسكندرية – تجربتي بعد ١٢٠ يوم”

  1. مبدع كعادتك اخي عماد وان شاء الله نزورك في الاسكندريه متابعينك باهتمام شديد خطوه بخطوه والله يوفقك لكل خير انت انسان محترم مثابر خلوق تستاهل كل خير

  2. جميل جدا..
    ما فاجأني فعلا هي الرواتب.. 100 دولار تعتبر لاشيء بالنسبة لمستوى الغلاء الموجود عندنا في فلسطين.. عندنا أقل مدخن (عافاهم الله) سيحتاج لما لا يقل عن 140 دولار في الشهر لتدخين علبة واحدة من أرخص نوع

    سؤالي هنا.. هل ينطبق هذا الأمر على خريجي اللغات و تكنولوجيا المعلومات مثلا؟؟

  3. أعجبتني تلك التدوينة جداً ، فعلاً الإسكندرية تستطيع أن تكون مدينة الأعمال الرائدة في مصر خصوصاً في مجال الكمبيوتر والإنترنت ولكن الإهتمام بها غير قوي ، فمثلاً لا يتم عقد الكثير من المسابقات والمؤتمرات فيها ، كله يكون في القاهرة ولكن الوضع سنة بعد سنة يتحسن بدليل Startup Weekend.

  4. اسعار المكاتب والرواتب تبدو معقولة جدا! أحسنت الاختيار يا عماد…والى الامام دوما ان شاء الله.

  5. أخي جعفر.. الخريج ممكن يقبل ١٠٠ دولار.. أما الذي لديه خبره فالمتوقع أن يكون الراتب بين ١٥٠ و ٣٠٠ دولار.. طبعاً هذا في الشركات الصغيرة.. أعتقد أن الرواتب في الشركات الكبيرة ممكن يصل إلى ٥٠٠ دولار وأكثر لشخص لديه مثلاً ٤ سنوات خبرة..

    هذه أرقام تعتبر ممتازة جداً.. الرواتب في دبي والرياض مثلاً لا يقل عن ١٠ أضعاف الرواتب هنا.. والكفاءة هنا من وجهة نظري أفضل، لأن الموظف يعمل في بيئة مريحة بجوار أهله وفي بلده وليس في ظروف الغربة والحر .. إلخ..

    من وجهة نظري هناك سببين لانخفاض الرواتب: ١- رخص تكلفة المعيشة في مصر نوعاً ما.. ٢- الكم الهائل من الشباب المؤهلين والمبدعين حقيقة، والذين يضطروا للتنافس على الأعمال بشكل كبير.

    كلي ثقة بأن الرواتب المنخفضة في مصر لن تستمر هكذا لمدة طويلة.. الشركات العالمية ستكتسح السوق المصري عاجلاً أم آجلاً للاستفادة من مهارات شباب وشابات مصر مثلما حصل في الهند، حيث اصبحت الرواتب في بانجلور لا تختلف كثيراً عن الرواتب في كالفورنيا.. وهذه هي عولمة الأيدي العاملة بعينها. وهناك شركات كانت سباقة لهذا العمل، فمراكز اتصالات خدمة العملاء للشركات الأمريكية والأوروبية منتشرة الآن في مصر لوجود الكثير من المؤهلين لغوياً وتقنياً بأسعار أفضل من الهند وغيرها..

  6. تدوينة ثرية و مفيده جداً.
    أحياناً لا نرى الفرص التي حولنا لتركيزنا على الفرص البعيدة التي يقولون أنها رائعة.
    مصر سوق رائع و غني بالخبرات يحتاج من يحترم الموظف ويقدر عمله.

  7. مسقط رأسي وفيها شهدث نعومة أظافري والي بحرها يحن قلبي ، وأخيراً في ترابها ودعت أمي وأستودعتها عند ربي … لا أنكر أني فوجئت وسعدت كثيراً بهذة التدوينة ودهشت بأن مقر عقار ماب فيها … الأختيار موفق بإذن الله ، وبالمناسبة كان في الأسكندر ية مشروعاً كبيراً للأنترنت يسمي القرية الذكية بالأسكندرية ، وهو مشروع مرفوع مؤقتاً من الخدمة ولا أعلم لماذا توقف ومتي يستكمل …
    أشم الأن رائحة مطعم السيد صواريخ ببحري 🙂

  8. جميل عرض هـ التجربة ..

    بغيت أسألك أ/ عماد بخصوص الأمور القانونية .. هل الأمور ميسرة أم معقدة لمن أراد أن يبدأ بمشروع شخصي هناك ؟ اتحدث هنا عن غير المصري
    و ما أهم العقبات لمن أراد أن يبدأ مشروعه هناك ..

    نقطة أخرى بخصوص الحقوق .. حاليا في ظل الأوضاع بمصر هل الأمن يطمئن ؟ و هل هنالك ضمانات لحماية مشروعك من جميع الجوانب ..

    بإنتظار إجاباتك ..
    دمت بود ,,

  9. اخي عماد فعلا مدينة الاسكندرية مدينة ساحرة

    ولكن حصل معي موقف قبل يومين جعلني اكرهها مع انها اول زيارة لي للاسكندرية ومصر …

    ولكني سوف احاول معها مرة اخرة … اراك في الـ Startup Weekend

    احترماتي

  10. اتفق معك فالاسكندرية لها سحر خاص ففيها يجد الشخص راحة نفسية واهم مايميزها طيبة اهلها واتمنى ان ازورها قريبا فااجمل لحظات العمر كانت على شط اسكندرية واتمنى يكون بيننا تواصل فى المستقبل

  11. اهلًا اخي عماد اوءهنوءك على كل هذه الإنجازات الناجحة في حياتك و عندي عده استفسارات أودّ ان اجد لها أجابه عندك أنا هاجرت الى كندا منذ زمن بعيد عني اولاد ذكور و احدهم درس في عده مجالات هنا منها برمجه الكمبيوتر و أيضاً درس و عمل في مجال الخدمات الاجتماعيه، أفكر جديا في شراء شقه في الاسكندريه و ان اقنع ابني ان ينتقل للعيش في مصر و ان ابحث له عن عروس هناك لأنني دقه قديمه أحب بنات العرب و اريد ان يتمتع أولادي بالحياه العربية التي نشأت عليها و أكون قريبه من موطن أهلي هناك المهم سوءالي يا اخي الكريم هو هل ندفع ضرائب سنويه على الشقه السكنية هناك و كم المقدار ان تعلم و هل تعتقد ان ابني سيتمكن من تأسيس مشروع صغير قد يكبر مستقبلا في الاسكندريه و هو تصليح الكمبيوترات و افتتاح كافيه لاستعمال الانترنت للشباب و ألعاب فيديو أيضاً و هل تعتقد انه سيكون مشروعا ناجحا هناك و اخيراً ان عزمت و توكلت فحتما سازورك هناك و اطلب مساعدتك في إيجاد الشقه المناسبة و لكم جزيل الشكر أختكم

  12. انا لم ازر الاسكندريه ولاكننى احبها كانها بلدى وفى القريب العاجل انشاء الله سوف انتقل للعيش والعمل الحر فى مصر الاسكندريه العزيزه على قلوب العالم العربي . ادعو لى بالتوفيق . انا اردنى وارغب فى العيش والاستثمار فى الاسكندريه فمن لديه اي مشروع ناجح ارجو تزويدى بالفكره وارسالها لى على الاميل ( alhakimayman@yahoo.com ) , والشكر للجميع

  13. حقيقة الاسكندرية مدينة قمة السحر والجمال والروعة بطبيعتها وطبائع اهلها فهم اناس طيبين جدا وعقلاء وفاهمين ويحبون ان يساعدوا كل شخص خاصة الغريب صراحة اناس ينشرح لهم صدرك وتحبهم من اول لقاء بهم
    اما عن المعيشة فهي ليست غالية وتتوقف علي حسب صرفك اما السكن يفضل ان تسكن في مكان قريب من مكان عملك اودراستك ان وجد السكن الرخيص طبعا والا فالمواصلات ليست غالية وانما رخيصة جدا .. وسكان الاسكندرية اناس محترمين جدا والله وخدومين … انا كنت في الاسكندرية عام 2008 وجدت من اهلها كل خير واحترام وتقدير جزاهم الله عني كل خير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *