زيارة الكويت: إني رأيت ركود الماء يفسده

 

قال الإمام الشافعي عن فوائد السفر والترحال:

 

ما في المقام لذي عـقـل وذي أدب … من راحة فدع الأوطان واغتـرب
سافر تجد عوضـا عمن تفارقــه … وانْصَبْ فإن لذيذ العيش في النَّصب
إني رأيت ركـود الـماء يفســده … إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب
والأسد لولا فراق الغاب ما افترست … والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة … لملَّها الناس من عجم ومن عـرب
والتِّبرُ كالتُّـرب مُلقى في أماكنـه … والعود في أرضه نوع من الحطب
فإن تغرّب هـذا عـَزّ مطلبـــه … وإن تغرب ذاك عـزّ كالذهــب

عدت للتو من زيارة قصيرة لدولة الكويت، وكانت هذه أول زيارة بالنسبة لي، وبصراحة خلال بضعة أيام تعلمت الكثير عن المجتمع والسوق الكويتي وكونت صداقات وعلاقات جديدة. بصراحة، كنت أجهل الكثير عن الكويت باستثناء ما أسمعه في الإعلام أحياناً أو من بعض الأصدقاء، فكل ما كنت أعرفه عن الكويت هو أنها دولة غنية بالنفط وأن جوها حار جداً ومصحوب بالرطوبة وأن شعبها يعيش حياة مترفة.

تعلمت من زيارتي القصيرة التالي:

 – جو الكويت في الشتاء جميل جداً بشكل غريب وغير متوقع، استمتعت بالمشي في الكورنيش المنظم والنظيف. أخبرني أصدقائي الجدد أني محظوظ في توقيت الزيارة، حيث أن الشتاء عندما يشتد يصبح البرد قارص جداً، لكني استمتعت جداً بالجو.

– في الشعب الكويتي تواضع ملحوظ بالرغم من الترف الذي يعيشه الشعب، فبصراحة هناك شعوب أخرى لديها من الكبر والتفاخر ما لا يتناسب مع وضعها، وكانت لدي توقعات مسبقة عن الكويتيين، لكني تفاجئت بعفوية الكثير منهم واحترامهم لزوار البلد، وطبعاً هناك استثنائات كالعادة.

– شاهدت في الكويت تدرج في مستوى إلتزام/إنفتاح الشعب بشكل فريد جداً، كنت أعلم بأن الشعب الكويتي منفتح ومتأثر بالحضارات الغربية، لكني وجدت من هم متمسكين بشدة بعاداتهم وملابسهم التقليدية ووجدت من هم أشبه للأجانب بلبسهم ولغتهم وتعاملهم، وبين هاذين وجدت أطياف متنوعة لم أشهد مثلها من قبل في أي بلد عربي.

– العمل الخيري في الكويت مزدهر ومتأصل إبتداءاً بالشعب وإنتهاءاً بأمير الدولة، فقد أكد لي أصدقاء يمنيين قابلتهم هناك عن حب أهل الكويت للخير على مستوى الأفراد والمؤسسات ووصول تبرعاتهم إلى شتى أقطار الأرض. ولاحظت وجود لوحات في معظم طرقات الكويت عليها صورة الأمير وتحتها عبارة “أمير الإنسانية”.

– الكويت من وجهة نظري أفضل دولة عربية من حيث تخطيط وتقسيم الأحياء وتوضيح التخطيط والتقسيم للمواطنين والزوار، بالفعل لا يمكن أن يتوه أي شخص في الكويت، والسبب ليس صغر الدولة، وإنما عقلانية تقسيمها والأفضل من ذلك كله وجود لوحات في كل الشوارع توضح لك بالضبط مكانك تحديداً. الدولة مقسمة إلى محافظات، وكل محافظة مقسمة إلى أحياء، وكل حي مقسم إلى قطع، وعند سيرك في أي شارع تجد لوحة توضح لك موقعك بالضبط أنت في قطعة رقم كم أو بين قطعتين.. إلخ. المميز بالفعل هو وجود اللوحات البسيطة والواضحة في كل مكان. بمقارنة الكويت مع دبي التي كنت أعتبرها الأفضل عربياً، وجدت أن تخطيط الكويت واهتمامهم بتوضيح الطرق والأحياء أفضل بكثير، والعجيب أن هذا النظام موجود منذ الثمانيات !

– على المستوى الاقتصادي، تفاجئت بحجم القطاع المالي في الكويت ووجود شركات استثمارية تقدم خدمات في مجال Private Equity, Investment Banking, Coprorate Finance وغير ذلك، وبالرغم من أني لم أجد شركات تستثمر في الشركات الناشئة إلا أني متأكد أن الشركات المالية الكويتية ستجد طريقها إلى هذا القطاع الواعد قريباً. الغريب أن كل من قابلته تقريباً عمل أو كان يعمل في القطاع المالي، وعندما سألت عن سبب هذه الظاهرة، أكد لي الجميع أن اقتصاد الكويت قائم على عمودين، القطاع النفطي والقطاع المالي.

4 تعليقات على “زيارة الكويت: إني رأيت ركود الماء يفسده”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *