أيهما أفضل؟ براءة اختراع أم تنفيذ الفكرة

دائماً أشدد على أهمية تنفيذ المشروع بدلاً من التركيز على أهمية فكرة المشروع لأني أرى الكثير يتفاخر بأفكاره المبتكرة التي عادة لا ترى النور، بينما هناك أناس بسطاء لديهم أفكار بسيطة يتم تنفيذها بإصرار وحماس وتصبح قصص نجاح كبيرة. لدي تجربة شخصية أود مشاركتكم فيها. أعتقد أن الكل قد سمع الآن عن مواقع الشراء الجماعي مثل جروب أون، وليفينج سوشل، والنسخة العربية منها كوبون، وغيره من المواقع الكثيرة التي انتشرت في كل بلدان العالم مؤخراً.

الفكرة ببساطة أن الموقع يقدم عرض من شركة معينة بتخفيض كبير جداً عادة يكون ٥٠٪، ويمكن لأي شخص الشراء بهذا السعر، لكن يشترط لإتمام الصفقة دخول عدد معين من المشتريين مثلاً ١٠٠ شخص، وفي حالة عدم الوصول لهذا العدد لا تتم الصفقة. الفكرة ذكية جداً، وهي ببساطة بيع بالجملة لكن بطريقة مبتكرة، فسبب رخص السعر أن الشراء يتم بالجملة وليس بشكل فردي، وسبب نجاح هذه الفكرة إلكترونياً هو أنه عندما يقوم شخص بعملية شراء، يكون لديه حافز كبير لإخبار أصدقاءه ومحاولة إقناعهم للإنظمام للصفقة لكي يحصل هو أيضاً على العرض الحصري. شركة جروب أون أبرز العاملين في هذا المجال تم اكتتابها قبل شهور قليلة في سوق البورصة الأمريكي وقيمتها اليوم هو ١٤ مليار دولار! مبلغ خرافي، خصوصاً عندما نتذكر بأن الشركة لا تبيع شيء في الحقيقة، كل ما تقوم به هو إقناع صاحب شركة بتقديم عرض حصري ومغري، ومن ثم تجمع عدد كافي من المشتريين، وتقوم باستلام المال منهم ويتم إعطائهم كوبونات يتم طباعتها واستخدامها للحصول على العرض. طبعاً الفكرة ممتازة، وسهلة التطبيق، ولهذا انتشرت نسخ مقلدة من الفكرة بشكل كبير جداً.

توصلت أنا وزملائي في الجامعة في بداية عام ٢٠٠٩ إلى نفس هذه الفكرة مبكراً قبل ما يسمح أحد عن شركة جروب أون وربما قبل تأسيس الشركة نفسها. تعمقت أنا وزملائي في هذه الفكرة، وقمنا بإعداد دراسات عديدة ونظريات عرض وطلب ودخلنا في فلسفة الفكرة وحساباتها لنضمن أنها ستنجح، وعندما شعرنا بأننا توصلنا لإبتكار حقيقي، قررنا تسجيلها كبراءة اختراع وبالفعل تواصلنا مع محامي متخصص وبذلنا مجهود كبير في شرح وتوضيح الفكرة وأيضاً دفعنا مبلغ كبير للمحامي وتم تقديم براءة الاختراع في أواخر ٢٠٠٩، وتم تسجيل براءة الاختراع في آخر عام ٢٠١٠. السوق تحرك وجروب وأن وغيرها من المواقع التي قلدتها تحركت أيضاً ونحن كنا ننتظر صدور براءة الاختراع وحماية الفكرة. اليوم جروب أون قيمتها ١٤ مليار دولار وشركتنا قيمتها صفر دولار. طبعاً حاولنا ولانزال نحاول الاستفادة من براءة الاختراع في رفع قضية مثلاً أو بيعها، لكنها بصراحة لا تحمل أي قيمة.

شيء آخير يجب أن أذكره من باب المصداقية، سبب رئيسي في فشل مشروعنا هو ليس التأخير في التنفيذ فحسب، بل أيضاً الفشل في التنفيذ، فقد ارتكبنا خطأ استراتيجي في استهداف الشركات، فبينما استهدفت شركة جروب أون وغيرها الشركات التي تبيع الخدمات، استهدفنا الشركات التي تبيع المنتجات، وكان هذا هو سبب عدم قدرة الشركة على اللحاق بالسوق. فالشركات الخدمية مثل (المطاعم، والمراكز الترفيهية، ومراكز التجميل، وغيرها) عادة تقدم خدمة بهوامش ربحية عالية، ولهذا هناك دائماً مرونة في تسعيرها تمكن صاحب الشركة من تقديم تخفيضات سخية. فمثلاً صاحب المطعم يمكنه أن يخفض سعر وجبه من ٥٠ دولار إلى ٢٥ دولار لـ ١٠٠ فرد بدون أي مشاكل كبيرة. لكن، هل يمكن لشركة تبيع لابتوب بـ ٦٠٠ دولار أن تخفضه إلى ٣٠٠ دولار. أعتقد بأن تأخيرنا في تنفيذ الفكرة بالإضافة إلى استهدافنا الخاطئ للسوق كانا سببين رئيسيين في فشل المشروع.

أردت سرد هذه القصة لكي يستفيد منها كل من لديه فكرة ولا يزال يحميها ويخاف عليها، بدلاً من أن يبدأ في جمع فريق عمل حوله ويبدأ في تنفيذها. السوق يتحرك بسرعة خصوصاً في مجال التكنولوجيا والإنترنت، أعلم أن بعض التخصصات براءة الاختراع مصيرية فيه، لكن بشكل عام أرى بأن سرعة تنفيذ الفكرة بدلاً من الكتمان على الفكرة هو السبيل الأفضل للنجاح.ما رأيكم؟ أيهما الأفضل.. الفكرة أم التنفيذ؟

11 تعليقا على “أيهما أفضل؟ براءة اختراع أم تنفيذ الفكرة”

  1. أخ الحبيب ,,,

    في الغرب يقولون أفكارك تساوي صفر ما لم تنفذ على أرض الواقع .

    فكم سمعنا من أفكار ادعى أصحابها أنها مميزة أو حتى أكثر , و لكن حين دخولها الى سوق العمل_ إن نفذت _ نجد أن هذة الافكار لا قيمة لها .

    و بالمقابل كم من الأفكار البسيطة للغاية , نجحت و بسرعة مدهشة ,
    و حلقت بأسماء أصحابها و مبديعها .

    أخي مسعودي , حظا موفقا لك في حياتك العملية .

  2. براءة الاختراع جيدة وتفيد ولكن بنفس الوقت مثل ماذكرت انت مالها فائدة مالم تنفذ المشروع. الافضل ان يتم العمل على المشروع وبنفس الوقت محاول تسجيل الفكرة ان كانت فعلا تستحق وبهذا تكون ماشي بالجهتين

  3. كلام رائع و صحيح،
    1 – عدم تنفيذ الفكرة يسمى عدم وجد الفكرة
    2 – تنفيذ الفكرة بشكل بطيئ يسبب قتل الفكرة و المشروع معا

    فحسب كلامك اعلاه سرعة التنفيذ لها دور لا يستهان في نجاح الفكرة

    بالتوفيق لك

  4. بالنسبة لي,براءة الاختراع اهم.
    ممكن تعمل على فكرة معينة وتسوي خدمة وتشوفها شركة قدراتها وتسويقها افضل منك. ما سيحدث هو انها بتاكل الجو عليك.
    اما لو عندك براءة اختراع فبامكانك ان تمنع غيرك من العمل فيها ( في الدول اللي طلعت منها الشهادة) او انك تاخذ عليهم رسوم .. الخ.

    اللي مستغرب منه هو كانك كنت مستهدف العالم كامل في مشروعك والشركة ذيك خربت عليك كل شيء. اطلعت على موقع الشركة ويبدو لي انها تدعم امريكا فقط. يعني حتى لو خربت عليك هدفك لسى عندك باقي دول العالم :p
    بالتوفيق

  5. امر مؤسف الفكرة بالفعل رائعة .. ويسرني إنه في ناس في العالم العربي يفكرون بهذا الشكل .. ربما لم تنجحوا هذه المرة لكن أتمنى لكم النجاح في المرة القادمة ..

    ما أحد يعرف ماذا كان سيحصل للعالم .. إذا كنت أنت أسست مثل هذه الشركة ؟! أعتقد كنت ستصبح أول ملياردير عربي من الإنترنت .. على أية حال الأرزاق بيد الله .. وعلينا ان نفكر ونعمل لنحصل عليها ..

    أتمنى لكم المزيد من التوفيق والنجاح في مشروعاتكم .. ووالله أنكم تلهموني كل يوم أدخل فيه مدونتك .. استمر فأعلم أن هناك من يتابعك ..

    بالتوفيق.

  6. يوجد أفكار كثيرة وممتازة , مفيدة للمستخدم ومربحة لصاحبها ,, البعض يملك التمويل فينفذ الفكرة ويطرحها بالأسواق لجني الأرباح , أم البعض لديه أفكار ولا يملك التمويل لتحقيق الهدف من الفكرة سواءً فائدة معنوية أو مادية فيعمل على تسجيل براءة اختراع لحفظ الحقوق بدون الحصول على فائدة مادية من ورائها , ولا يوجد مؤسسات تتكفل بمثل هذه الحالات ,, فلو وجد مواقع أو موقع واحد يجمع بقيود محددة وعقود مسجلة بين مالك التمويل ومالك الفكرة للجمع بينهما لتحقيق أهداف كلاً منهما لتحقق الهدف المرجو وهو ابتكار فكرة وتسجيلها وتصنيعها وإظهارها للنور وبيعها وجني الأرباح منها لكلا الطرفين …………

  7. الاثنان يجمعهم في ان واحد واهمهم التخطيط ثم الفكرة ثم التنفيذ لا تكتمل احداهما دون الاخر . و بالتوفيق .

  8. شكرا على مشاركة التجربة، رأيي ان براءة الاختراع في مجال الانترنت تؤدي الى التأخير والضياع، في الانترنت الاسبق هو اللي يربح، عندك الفيسبوك سبق ولازال هو السابق بالرغم من ظهور تطبيقات اخرى مشابهة بعده. وعندك موقع علي بابا وموقع امازون سبقوا ولازالوا بالرغم من ظهور مواقع اخرى مشابهة بعدهم. ونفس الكلام ينطبق على الواتساب، فالاسبق في الظهور والتنفيذ هو اللي يهيمن على السوق. اتمنا لك التوفيق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *