عندما يؤمن فريق العمل

يستمر فريق عمل عقارماب بمفاجئتي يوماً بعد يوم بالأداء العالي والجدية وحبهم الشديد للشركة. أحياناً استغرب عندما أجد بعضهم يعمل بجدية واهتمام أكثر مني. فريق العمل يعاتبني عندما أقصر في العمل أو عندما أتخذ قرارات قد يكون لها أثار سلبية على العملاء أو على المنتج، وأحياناً يصل بهم الحد إلى توبيخي. أحياناً أتساءل: كيف وصل بي الحال إلى أن يوبخني موظف في شركتي؟ ومن ثم اتراجع وأقرر أن أسأل سؤال أهم: كيف وصل بهم الحال إلى أن يحبوا الشركة إلى هذا الحد؟

اليوم أحب أن أتحدث عن بعض القرارات التي اتخذتها منذ تأسيس الشركة بهدف بناء بيئة عمل إيجابية وعفوية في نفس الوقت:

اختيار فريق العمل: في البداية كان اختيار فريق العمل أمر صعب للغاية، ففي أول سنة لم اعتمد في اختياري على المهارات والخبرات، ولكني اعتمدت على اختيار الكفاءات التي تؤمن برؤية الشركة وحلم تأسيس قصة نجاح عربية وبناء منتج يرتقي إلى المستوى العالمي وتأسيس شركة تتوسع إلى الأسواق العالمية. كانت عملية اختبار مدى إيمان كل متقدم للوظيفة بالرؤية أمر في غاية البساطة، المرتب كان سيء جداً لأن ميزانية الشركة محدودة، وكنت على يقين بأنه لن يقبل هذا المرتب إلا من كان بالفعل مؤمن بالرؤية، وهذا ما حصل بالفعل. كونت فريق عمل شاب وحيوي لديه رغبة عارمة في العمل والاجتهاد، وقد ساعدني هذا الفريق على استكشاف السوق المصري وتطوير الفكرة والنموذج الربحي. مع الوقت بدأت بتعديل استراتيجية اختيار أعضاء فريق العمل، فبدأت الاهتمام أكثر بالخبرة والمهارات، ولازلت أتجاهل الشهادات تجاهل تام، وأركز بشكل أكبر على الإيمان بالرؤية والفكرة لأن هذا هو أهم أسرار نجاحنا.

هيكل فريق العمل: لا توجد في الشركة مسميات وظيفية رنانة مثل: COO و CTO و CMO، ولا توجد لدينا مسميات وظيفية طبقية، مثل Junior Web Developer و Senior Web Developer و Very Senior Web Developer 🙂  المسميات الوظيفية لدينا متشابهة: Sales Associate, Marketing Associate, Product Associate، وهذا ما يعزز ويقوي روح فريق العمل بعيداً عن أي طبقية. طبعاً هناك أفراد لديهم خبرات طويلة ومهارات عالية والكل يعلم ذلك، ولكن إزالة المسيمات الوظيفية الرنانة جعلت الكل يركز على تحقيق النتائج وتطوير المهارات بدلاً من التركيز على الحصول على مسمى وظيفي أعلى.

المسمى الوظيفي شكلي: قبل ضم أي شخص لفريق العمل أتفق معه على أن المسمى الوظيفي أمر شكلي، فمثلاً لو الشخص مصمم جرافكس، أخبره بأني أتوقع منه أن يرد على إتصالات العملاء، وأن يساعد في اختبار الكود عند الحاجة، وأن يساعدنا في التسويق، وأن يشارك في مهام فريق المبيعات إذا لزم الأمر، تماماً كما أفعل أنا وبقية فريق العمل الحالي. أذكر أنه في فترة من الفترات لم يكن لدينا من يقوم بتنظيف المكتب، فكنا نقسم المهام على فريق العمل، وكل شخص يقوم بتنظيف وترتيب جزء من المكتب. هذا الأسلوب الإداري يزيد من تلاحم فريق العمل، ويجعل الشخص ملم بما يدور حوله في الشركة، وأيضاً يكسر أي نوع من أنواع الطبقية، فالكل يعمل مع بعض عند الحاجة.

بدون رسميات: لكل عضو من أعضاء فريق العمل اسبوع أول يلتزم فيه بالرسميات التي غرسها فيه المجتمع عن كيفية التعامل مع مدير الشركة. أذكر أن الكثير كان يناديني بمستر عماد 🙂 والبعض يتردد في دخول مكتبي بدون موعد، والآخر يستأذن مني قبل مغادرة المكتب، ولكن مع الوقت استطعت إقناع الجميع بأن أسمي عماد (بدون مستر أو أستاذ أو بشمهندس) وبأنه يمكن لأي شخص أن يعارضني ويصححني، وإلا ما فائدة فريق العمل؟ بصراحة، أجد بأن هذه النقطة مهمة جداً في مصر، لأن المجتمع المصري يهتم بشكل كبير بالمقامات وهناك أداب معينة يتم استخدامها عند التعامل مع المدراء وأصحاب المناصب، وعلى الرغم من احترامي لمثل هذه الأمور، إلا أنني لم أرد أن تنطبق هذه الأمور بين أعضاء فريق العمل، ونجحت في إزالة كل الرسميات لكي نستطيع تنفيذ عملنا بدون أي عوائق وبدون تأخير.

إرسل رسالة لفريق العمل: لا توجد لدينا ساعات عمل محددة، المطلوب هو الحضور بين الساعة ٨ و ٩ صباحاً، ويمكن الانصراف في أي وقت وبدون أي إذن. في حالة التأخر في الحضور على المتأخر إرسال رسالة اعتذار لفريق العمل دون تبرير سبب التأخير. لا توجد لدينا إجازات محددة، فعندما يريد الشخص أخذ إجازة، يقوم بإرسال رسالة إلى فريق العمل يخبرنا فيها جميعاً عن مدة الإجازة، ولا يجب تحديد سبب أخذ الإجازة، أو التنبيه قبلها بفترة طويلة. هذا الاسلوب في الإدارة كان صعب جداً علي (لاني بطبعي العربي أريد التحكم) ولكني وجدت أن نتائج هذا الأسلوب أفضل بكثير من لعبة القط والفار التي مارستها مع مدرائي في السابق. فريق العمل يشعر بالمسؤولية تجاه الشركة، وهو من يتابع نفسه بنفسه، وإرسال الرسالة لبقية أعضاء الفريق تذكره بأنه ملتزم لبقية أعضاء فريق العمل بالقيام بواجبه. ملاحظة: متوسط عدد ساعات العمل لدينا في الشركة أكثر من متوسط ساعات العمل في بقية الشركات، ومتوسط أيام الإجازة لكل عضو أقل من متوسط بقية الشركات.

التحدي: أعتقد بأن أهم أسباب سعادتي وسعادة فريق عمل عقارماب هو التحدي، فعندما يغيب التحدي تضعف الهمم. أعتقد بأن أفضل أيام الشركة كانت عندما كنا على وشك الإفلاس. ألاحظ دائماً أن أكبر جهد وأفضل النتائج تبرز عندما نواجه تحدي جديد. تحدي وقت، تحدي مادي، تحدي ظروف، تحدي منافس، تحدي مشاكل تقنية أو إدارية. التحديات التي نواجهها بشكل يومي هي مصدر طاقتنا. وكل ما زادت التحديات، اشتدت الهمم وزاد النشاط؛ فهل من تحدي جديد؟