ريادة الأعمال نوعان

مع تزايد عدد المقبلين على ريادة الأعمال، نجد الكثير من الشباب قد قرر التوقف عن اللهث وراء شبح الوظيفة وعزم على فتح شركته الخاصة. هذه الظاهرة إيجابية، ويجب أن نستمر في بناء الشركات الناشئة لأن بعض هذه الشركات ستنجح وستمثل العمود الفقري للأقتصاد العربي في المستقبل. لكني أود اليوم تسليط الضوء على نوعين مختلفين من ريادة الأعمال: الأول هو ريادة الأعمال الصغيرة، حيث يهدف صاحب المشروع إلى بناء شركة أو متجر يدر عليه ربحاً يمنحه الاكتفاء الذاتي ويتكفل بتغطية تكاليف معيشته. وهذا النوع من ريادة الأعمال منتشر بشكل كبير في الوطن العربي، فصاحب المخبز، ومالك التاكسي، وصاحب المتجر كلهم رواد أعمال صغيرة. وبالرغم من أهمية هذه المشاريع، إلا أنها قلما تحقق نجاح كبير يتعدى حدود المالك، أي أنها لا تسهم بخلق وظائف وحركة تجارية كبيرة. أما النوع الثاني فهو ريادة الأعمال القابلة للنمو، وفي هذا النوع تكون نية رائد الأعمال من أول يوم هو تأسيس إمبراطورية تجارية أو شركة كبيرة لها فروع وتوسعات كثيرة، فتجده يسير على خطة مرسومة بدقة لكي يصل إلى هدفه المنشود. وهذا النوع من ريادة الأعمال هو ما نفتقده حقيقة في الوطن العربي، فمن السهل جداً أن تنشئ شركة تحقق لك اكتفاء ذاتي، ولكن التحدي الحقيقي يكمن في تأسيس شركة إقليمية أو عالمية تصل مبيعاتها إلى شتى أقطار العالم وتفيد مجتمعك بأسره.

أخيراً.. أحب أن أوضح أنه يمكن أن يتحول النوع الأول إلى الثاني مع الزمن بمحض الصدفة، أو بقرار يتخذه رائد الأعمال بعد أن يكتشف بأن أمامه منجم ذهب تجاهله لمدة طويلة.. والأمثلة على هذه الحالة كثيرة أيضاً، فتجد في كل بلد عربي تقريباً شخصية تجارية بدأت بعمل بسيط جداً.. وبعد سنوات طويلة.. بدأت بالتوسع بشكل كبير وأصبحت الآن مجموعة شركات تمتلك جزء كبير من اقتصاد البلد. لهذا، قد يتساءل البعض: إذاً ما الفرق، فالمسألة مسألة مرور بمراحل؟ أقول بأن هناك فرق كبير، فالنوع الأول عادة يتجه بدون خطة توسع فيتم النمو ببطء شديد، والكثير يتوقف لعدم إدراكه لما يمكن تحقيقه في حالة التوسع أو لعدم وجود الرغبة. أما النوع الثاني، فهو يتحرك وفق خطة واضحة لكي يحقق أهدافه العملاقة، مما يزيد من سرعة نمو الشركة، ويقلل من التخبط والعشوائية في تطور منتجاتها وخدماتها. فجديرٌ بكل شاب متعلم أن يتحرى مثل هذه الفرص وأن يعتمد على خبرته ومعرفته لكي يؤسس شركة قابلة للنمو تساهم في حل مشاكل الوطن العربي الاقتصادية والاجتماعية.

12 تعليقا على “ريادة الأعمال نوعان”

  1. مقال رائع أخ عماد ..

    و أعتقد أن الأعمال القابلة للنمو و القادرة على تحقيق فرص وظيفية ستستاهم في السنوات القادمة على نمو إقتصاد البلد

    يعيب النوع الثاني .. احيانا و بحسب رؤيتي لبعض المشاريع العشوائية إما في التخطيط و إما في التنفيذ

  2. فعلا اعتقد اننا نحتاج النوع الثاني من الرياده في الوطن العربي ولكن هل تعتقد ما هي نواقص الشعب العربي لنصل بهم في التحفيز الي انشاء الشركات ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

  3. أخي عبدالملك .. لم أفهم قصدك في عيب النوع الثاني..

    أخي أيمن.. الشعب العربي لديه كل المؤهلات التي يحتاجها لإنشاء مثل الشركات.. أرى أن شيء واحد يعيقنا بشكل كبير .. الوظيفة.. أصبحنا نقدس الوظيفة بالرغم من رداءة عوائدها، فأصبح الوالدان يحثان الولد على الدراسة من أجل الحصول على الوظيفة، وأب البنت لا يزوج إلا الموظف، والمجتمع لا يحترم إلا الموظف.. هذه مشكلة كبيرة بصراحة.. لكن البطالة وقلة الوظائف ستسهم بتوجه الشباب إلى ريادة الأعمال.. خصوصاً عندما يسمعوا عن قصص نجاح مثل ما حصل مع أصحاب شركة مكتوب مثلاً.

  4. سلام يا عماد…

    على حسب رأيي ، أكبر عائق يواجه النوع الثاني من المشاريع التجارية في الوطن العربي هو عدم وجود الجرأة المطلوبة للمخاطرة و الخروج عن التقليد عند الشباب العربي. الشباب العربي لاتنقصه الأفكار ولكن المشكلة ليس لديهم الجرأة و الثقة الكافية في امكانية نجاح افكارهم ولهذا نري الكثير إستسلم من الخطوة الاولي في مشوار الألف ميل .

    فمثلا الشباب في الخليج العربي متعلم لحد ما و لاتنقصهم الامكانيات المادية. بالعكس أكاد اجزم ان الشباب الخليجي لديه امكانيات مادية أكثر من الشباب الأميريكي او الغربي. ولكن نري الكثير منهم مقتنع بالحياة الوظيفية التي توفر له الاحتياجات الأساسية بدون كثرة تفكير او وجع دماغ او الخروج من ال Comfort Zone التي إعتاد وتربي عليها. واللوم يقع على انظمة التعليم المتدهورة في معظم البلدان العربية التي تشجع التقليد و عمل ما يعمله الجميع.

     هذه الجرأة هي ميزة كل رائد أعمال شهير. بيل جيتس أوقف دراسته في احدى اشهر الجامعات ,التي تضمن شهادتها عمل بدخل عالي حتي من قبل التخرج, و أختار ان يحاول النجاح بإمكانياته وقدراته الفردية. مايكل ديل صاحب الشركة المشهورة DELL أيضا أوقف دراسته عندما قرر ان يبدأ احدي اكبر الشركات في العالم. ومثال أخر هو ستيف جوب صاحب شركة أبل Apple.

    أعتقد قلة من الشباب العربي لدية نفس الجرأة للخروج من التقليد و محاولة النجاح بإمكانياته الذاتية فقط وهذا هو العائق الاكبر برأيي.

  5. اخي الكريم أولا موضوعك رائع وفي محله لكن لدي تعليق على تعليق احمد عبدالجبار .. بالنسبة للطبقة التي تمتلك المال والتي معظها في دول الخليج …فهم للأسف ليسوا فاعلين أبداً في التطوير ولا يعملون بتاتاً وهدفهم الرحلات واللعب والسفر وهذا للأسف يأتي من تربيتهم السيئة أما في دول أخرى فمثلاً في اليمن أو مصر وغيرها من الدول التي لديها دخل ضعيف فأقول أنه لا أحد يجرأ لأنه سيذهب وراء الشمس إن فشل فليس هناك مجال للفشل يجب ان تكون نسبة نجاح المشروع 100% 99.999% تعتبر غير مقبوله لأن النهاية ستدمرك إن خسرت لكن إن نجحت ربما ستجعلك ثري جداً لذا فلا أحد يخاطر ويرمي نفسه في وسط النار ليقول ربما سأنجح… أما في الدول الأوروبية وأمريكا فإن خاطرت وخسرت فتستطيع الحصول على معونة من الحكومة تكفيك للعيش وتساعدك في العلاج والتعليم أما هنا فأنسى نفسك وأشتر بما تبقي لديك كفنك وأنتظر الموت ..

    أتمنى تكون وجهة نظري وصلت ..

  6. أخي الرحال..

    بالنسبة للشباب الخليجي، لا أتفق معك، لأن التعميم غير عادل، وهذا ليس مجاملة، لكن هناك شباب في السعودية خصوصاً لديهم أفكار وطموح وهم أصحاب همة عالية.. ولا شك بأن هناك أمثالهم في بقية الدول.. لكن الغالب بالفعل غير مهتم في التطوير والبناء.

    أما بالنسبة لرؤيتك الخاصة بالدول الأخرى مثل اليمن ومصر والأردن، فيا عزيزي الصورة التي رسمتها سوداء لا ترحم.. وأنا اختلف معك.

    بالعكس أظن بأن الشاب في مثل هذه الدول لديه فرصة أكبر في المخاطرة، لأنه ليس لديه ما يخسره.. أما في الدول المتطورة، فكيف له أن يترك وظيفة مرموقة وراتب ممتاز لكي يخاطر بمستقبله. أما في دولنا، فمعظم الشباب بدون وظائف وليس لديهم ما يخسروه، فمن السهل عليهم المغامرة، فهم أمام خيارين: محاولة فتح شركة، أو الاقتناع بالبطالة. طبعاً أنا أعمم هنا لغرض النقاش فقط.

    شكراً على تعليقك واختلاف وجهات النظر شيء طيب..

  7. الدارج اليوم عند الشباب هو النوع الثاني، حيث يكون بعض الاصدقاء فريق كبير نوعا ما لديه الفكرة و الطموح لتنفيذ مشروع صغير بأفكار كبيرة بهدف النمو السريع و بعد فترة قصيرة يتضح ان المشروع من النوع الاول الذي يمكن ان يحقق الاكتفاء الذاتي لشخص أو اثنين و لكن بحجم الفريق الكبير العائد يصبح قليل للفرد مما بسبب اما بفك الشراكة أو فشل المشروع.

  8. اخي المسعودي

    انا من خلال تصفحي للنت والبحث يمنة ويسرى عن الافضل بين الوظيفة والتجارة وجدت المسعودي مدونة من اروع واجمل ماقرأت .
    تحفيز وتشجيع

    ولكن
    الخوف ومع الخوف الامل والامل بالله سبحانه
    انا اهوى التجارة بمعنى الكلمة

    وللمعلومية
    والدي رحمه الله كان لديه بقالة صغيرة في قرية
    ولكن والله يشهد بهذا اننا لم نكن بحاجة الى احد
    ولكن والدي تعب لكبر سنه ولصغرنا فاحضرنا عامل وابقيناه في البقالة
    فانتهت كلية البقالة
    مما حدا بي للبحث عن الوظيفة
    والان انا عدت للهاجس القديم
    التجارة وانا تعلمت درس كبير خسرت به راس مالي والان انا نويت باذن الله التجارة
    فلك مني خالص الشكر والتقدير

  9. احضر حاليا ورشة عمل عن ريادة الاعمال واجد في الكثير من الشباب الحضور(واحسبني منهم) افكار ابداعية كثيرة ورغبة في انشاء مشاريع من النوع الثاني لذا الامل موجود في المستقبل.
    شكرا جزيلا اخ عماد

اترك رداً على عبدالمالك العسيري إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *