ترجمة كتاب Startup Nation – Israel الفصل الثامن والتاسع

نتابع ترجمة الكتاب، مع الفصل الثامن والتاسع.

الفصل الثامن: التشتُت
يركز الكتاب في هذا الفصل على إنتشار اليهود الإسرائيليين والفوائد التي جناها الاقتصاد الإسرائيلي من مثل هذا الإنتشار. ويبدأ الفصل مع قصة إعلان شركة سيسكو عن إطلاق أكبر موزع إنترنت (Router) في التاريخ والمسمى بـ CSR-1 وبعد ذلك يتم الإشارة إلا أن الشخص الذي قاد إنتاج هذا الموزع هو مهندس إسرائيلي اسمه مايكل لاور. وهذا المهندس تخرج من جامعة بن جوريون وبدأ العمل مع شركة سيسكو في أمريكا حتى أصبح مدير قسم الهندسة، وفي عام 1997 قرر أن يعود إلى إسرائيل، ولأن سيسكو لم ترد خسارة أحد أبرز مبدعيها، وافقت الشركة على فكرة فتح أول فرع تطويريها لها خارج أمريكا في إسرائيل. النقطة التي ركز عليها الكتاب هنا هي ظاهرة الاستنزاف الفكري أو ما يسمى بـ Brain Drain، وهذه النظرية التي اشتهرت بها الدول المستقطبة للمهارات مثل أمريكا بدأ التشكيك فيها مؤخراً، حيث كانت تنص على أن دولة مثل أمريكا تستطيع أن تستنزف العقول المفكرة من بقية دول العالم، ولكن مؤخراً بدأت ظاهرة معاكسة تسمى Reverse Brain Drain وهي عندما يعود هؤلاء المهاجرين إلى أوطانهم ليستفيد شعوبهم من خبراتهم المكتسبة. وقصة مايكل لاور تشكل مثال مناسب لهذه النظرية، حيث أصبح فرع سيسكو في إسرائيل يوظف أكثر من 1700 موظف، وقامت سيسكو بشراء 9 شركات إسرائيلية، كما استثمرت حوالي 150 مليون دولار في شركات أخرى، بالإضافة إلى تخصيص 45 مليون دولار للاستثمار الجري عبر شركات Venture Capital.

ويتم تشبيه هجرة الإسرائيليين إلى أمريكا وغيرها من الدول لاكتساب الخبرة ومن ثم عودتهم إلى إسرائيل بالتشتت الذي عانى منه اليهود منذ زمن بعيد ومن ثم تكوينهم لدولة إسرائيل (أي احتلالهم لفلسطين). ويتم الإشارة إلى أن هذه الظاهرة لا تقتصر على إسرائيل فحسب، بل توجد في الهند والصين وتايوان ودول أخرى (الدول العربية أيضاً).

بعد هذه القصة يتم الإنتقال إلى قصة بناء صناعة الطيران في إسرائيل عن طريق الاعتماد على اليهود المغتربين. ويتم ذكر تفاصيل تهريب طائرات من أمريكا وألمانيا عن طريق عميل أمريكي يهودي الأصل اسمه آل شويمر، حيث كانت بدايته قبل تأسيس إسرائيل عندما كانت السلطات البريطانية تمنع دخول اليهود المهاجرين إلى الأراضي الفلسطينية، عندها قاد آل عملية تهريب اليهود عبر الطيران مع التعامل مع عصابة الهاجانة. ويوضح الكاتب بأن ما قام به شويمر كان أمر غاية في الجرأة، فمثل هذا العمل لا يعتبر خوتزبة (وقاحة وجرأة) وإنما عمل إجرامي ممنوع قانونياً. وقد استطاع شويمر من تهريب طائرات وقطع غيار ومواد تصنيع إلى إسرائيل، كما أنه اصطدم مع المخابرات الأمريكية أكثر من مرة، ولكنه في الأخير تمكن من إنجاز مهمته. وعند عودته إلى أمريكا تمت محاكمته، وبطريقة أو بأخرى، اكتفت المحكمة بطلب تعويض مادي منه ولم يتم حبسه، ولم يلبث شويمر طويلاً حتى عاد لعملية بناء صناعة الطيران الإسرائيلي، حتى أصبحت إسرائيل من الدول القليلة التي تنتج الطائرات الحربية.

الفصل التاسع: اختبار ورن بُفيت
(ورن بُفيت من أغنى أغنياء العالم Warren Buffet وهو مستثمر أمريكي شهير)
يبدأ هذا الفصل بأحد إبتكارات فريق جوجل الإسرائيلي وهو Google Suggest، تلك القائمة المنسدلة التي تقوم بعرض نتائج مقترحة قبل أن تكمل كتابة الكلمة التي تبحث عنها، ويتم تسويق خبرة اليهود في البحث على أنها تعود إلى الزمان البعيد وإلى العادات الدينية في البحث عن المصادر الدينية وربط نصوص التوراة وغير ذلك من الكلام التسويقي الذي لم استسيغه. ولكن تبقى إنجازات فريق جوجل الإسرائيلي عالية، فمثلاً في عام 2008 فقط تم بيع إعلانات جوجل في إسرائيل بقيمة تجاوزت 100 مليون دولار، وهذا الرقم يفوق مبيعات جوجل الإعلانية في الكثير من الدول الأخرى.

بعد ذلك ينتقل الكتاب إلى قصة شراء ورن بفت لشركة Iscar الإسرائيلية مقابل 4.5 مليار دولار (مبلغ هائل !!!)، إذ تعد هذه الشركة من أكبر الشركات التي تصنع قطع غيار السيارات الكورية والأمريكية. ويتمحور الفصل على سؤال مهم، وهو كيف اقتنع عملاق الاستثمار الأمريكي بأن يشتري شركة في دولة حروبها دائمة، خصوصاً وأنه مشهور بتحليله الدقيق للمخاطرة، حيث لم يقم بشراء أي شركة خارج أمريكا من قبل. ويتم استعراض احداث كثيرة منها الحروب والصواريخ التي تطلقها حماس وحزب الله، وكيفية تأثيرها على الاقتصاد الإسرائيلي، ويحاول المؤلفان الوصول إلى نقطة تبين بأن رواد الأعمال الإسرائيليين أجادو التعامل مع هذه الظروف الصعبة، وأن خطر وقوع هذه الصواريخ على الشركات الإسرائيلية لا يعد خطر تجاري (طبعاً، أعترض بشدة). ويتم اقتباس رأي أحد الخبراء حين يقول بأن تدمير مصنع لا يعد مشكلة، حيث يمكن بناء مصنع جديد، فالمهم هو الموارد البشرية. (بالتأكيد، لكن تبقى الحروب خطر تجاري لا يفوت أي مستثمر مهما قال اليهود).

ويتم ذكر استعراض الصهيوني التجاري جون ميدفيد الذي ذكرناه سابقاً، وهو صاحب فكرة “Israel Inside”، حيث يقوم بعرض مؤشر يبين تزايد حدث بشكل واضح من عام 2002 إلى 2004، وعندما يسأله الجمهور عن هذا الحدث، يجيب بأنه مستوى العنف في إسرائيل.. أي الحروب والإنفجارات والصواريخ.. وغير ذلك.. ثم يقوم جون بعرض مؤشر مشابه جداً لنفس المؤشر السابق وفي نفس الفترة، وعندما يسأله الجمهور عن هذا المؤشر، يجيب بأنه كمية الاستثمار الخارجي في الاقتصاد الإسرائيلي. ومن هاتين النقطتين يستنتج جون بأن المستثمر الخارجي لا يبالي بالعنف الكائن في إسرائيل.

وينتهي الفصل بذكر قصة مؤسس فرع إنتل في إسرائيل، وهو دوف فروهمان والذي كان لديه حلم استطاع أن يحققه فعلاً وهو أن تصبح إسرائيل من كبار الدول المصنعة للمعالجات والشرائح الإلكترونية. وتدور هذه القصة حول ظروف تأسيس الشركة بعد الحرب التي حصلت في السبعينيات، كما يتم ذكر قصة عمل الشركة خلال حرب الخليج، حيث كانت إسرائيل تحت تهديد صدام حسين، فبعد أن استثمرت إنتل 3.5 مليار دولار في بناء معمل متخصص لصناعة المعالجات الفائقة الصغر، لم يرد مدير المصنع تعطيل العمل بسبب الحرب. فعلى الرغم من حالة الطوارئ التي تم إعلانها، والتوجيهات الحكومية التي أمرت جميع الشركات بقفل أبوابها، كان مدير المصنع على قناعة بأنه لو قام بتوقيف العمل ستكون هناك عواقب وخيمة على فرع إنتل في إسرائيل لأن الشركة اعتمدت بشكل تام عليهم بإنتاج معالج معين ولم تكن هناك أي فرصة للتأخير. لهذا قرر مدير الفرع أن يداوم في الشركة، كما طلب من موظفيه مزاولة العمل وتاجهل التوجيهات الحكومية ولكنه ترك باب الغياب مفتوحاً أمام من يريد، وكانت المفاجئة عندما وجد فورهمان أن نسبة الحضور تجاوزت 75%. وكانت هذه صدمة إيجابية لإدارة إنتل في أمريكا، أثبتت لهم أنه لا يمكن للحروب والضروف السياسية والعسكرية أن تؤثر على استثماراتهم.

أنتهى فصل مليء بالتسويق والترويج الممل والغير واقعي، ولكني حاولت ترجمته لكم كما ذكر الكتاب. شخصياً، أعتقد بأن الظروف السياسية والعسكرية تمثل خطر كبير على الاستثمارات في إسرائيل وفي أي دولة مضطربة، ولكن هناك سياسات إسرائيلية استخدمت للتغلب على هذا الخطر المرتفع وهي موضوع أهم فصل في هذا الكتاب (الفصل العاشر). وقد قررت تخصيص تدوينة كاملة لهذا الفصل نظراً لأهميته، لهذا أتمنى من الجميع الإنتباه لمحتواه لأنه بالفعل يبين أهم عوامل نهضة الاقتصاد الإسرائيلي في التسعينيات.

6 تعليقات على “ترجمة كتاب Startup Nation – Israel الفصل الثامن والتاسع”

اترك رداً على المسعودي إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *