وتلك الأيام نداولها بين الناس

يجمع المؤرخون على أن كل إمبراطورية تصعد مصيرها هو الإنهيار في يوماً من الأيام. فالأمر حصل للفرس والروم والمسلمين قديماً، وفي تاريخنا القريب شهدنا هذه الدورة مع الإمبراطورية الفرنسية والبريطانية والألمانية والروسية واليوم لعلنا نشهد إنهيار الإمبراطورية الأمريكية. لست من هواة السياسة، ولكني أحاول أن أفهم التاريخ لكي استخلص منه دروساً تجارية قد تكون لها دلالات تفيد الشباب العربي الطموح.

حدثني والدي أنه في أيام شبابه كان المنتج الياباني سيء الجودة، وكان الجميع يفضل المنتجات الأمريكية، وخلال فترة قصيرة جداً اقتلبت الموازين وأصبح المنتج الياباني من أعلى المنتجات جودةً وأكثرها حداثه، واصبحت العديد من المنتجات الأمريكية سيئة الجودة وغير مرغوبة. استغربت من سرعة وكيفية التغيير، وبدأت أفكر وأتساءل عن إمكانية تكرار مثل هذه الدورة بسرعة في قطاعات أخرى. مؤخراً بدأت أفكر في منتجات التايوان، أذكر أنه منذ فترة وجيزة كان إسم التايوان يقرن بالجودة الرديئة والمنتجات الرخيصة، ولكن التايوان اليوم تنتج أحدث الأجهزة التقنية والمعالجات المتفوقة والبطاريات الحديثة. فمثلاً هاتف iPhone المصمم في أمريكا، يتم صنع 50% من قطعه في التايوان! شركة هيونداي الكورية حققت قفزات كبيرة مؤخراً، ودولة الهند قلبت الموزاين التقنية خلال هذا العقد. هناك أمثلة كثيرة عن دول وشركات استطاعت تغيير مرتبتها في الإقتصاد العالمي ورفع جودها وتغيير موقعها في قائمة المتميزين.

إذاً، التغيير ليس مستحيل ولا يستغرق قرون، وإنما يمكن أن يحصل خلال سنوات قصيرة وعلى أيدي أفراد وشركات. مهما كان واقعنا اليوم، فهذا لا يعني أن الحال سيستمر هكذا. يجب علينا أن ندرك أننا لم نفق بعد من حالة الإغماء التي أوصلنا إليها الاستعمار، لازلنا في المراحل الأولى من النهوض، وأمامنا فرص كبيرة في شتى المجالات.

11 تعليقا على “وتلك الأيام نداولها بين الناس”

  1. تدوينة رائعه
    وأعجبتني زاوية النظر التي نظرت بها إلى الإحداث التاريخية والسياسية .
    العالم العربي ليس متساوياً في حالاته الاقتصادية والاجتماعية وهذا هو الذي يدعو للتسائل فالمفترض للدول غير الغية بالبترول والمصادر الزراعية أن تطرق مجال الصناعة والابتكار وان تصنع من فقرها غنى ورقي وعلم .
    الدول التي نستطيع ان نسميها غنية اقصد غنية بالبترول لا غنية بالعلم وليست غنية بالصناعة والتجارة .. هذه غرها البترول عن طرق مجالات الصناعة والإختراع والإبتكار . وهذا ما يصدق المثل الحاجة أم الأختراع .
    دمت بخير

  2. أخي الكريم،

    بالفعل هناك أمل كبير في الدول العربية التي تعاني من ضغوط اقتصادية مثل الأردن ومصر والجزائر وسوريا.. لأن الحاجة أم الاختراع. أما الدول النفطية، فيمكنها الاستثمار في الجانب العلمي وكذلك شراء الشركات الأجنبية وإحظار معامل الأبحاث للوطن العربي لكي تسنح الفرصة للشباب العربي الاحتكاك بالخبراء الأجانب والتعلم منهم.

  3. الامر لا يلزمه معجزات بل العمل الدؤوب و التخطيط طويل الامد.
    نحن دائما نضع اللوم على الاخرين (حكومات و اجهزة ادارية و دول اخرى) و لكن الحل يكمن في داخلنا.
    العالم اليوم صغير جدا و النجاح متوفر للجميع طالما يملك الهمة و الرغبة.

  4. حياك الله اخي عماد

    يقال ……….لتقوم حضاره قويه فانها تحتاج %2 من مجموع سكانها ليقموا بالتخطيط و القيام بنهضة علمية و اقتصادية الخ… فكم عندنا؟

    و اعتقد ان بريق امريكا بدأ يخف و بدأ بريق الصين يظهر بوضوح خاصة في فترة الازمة المالية لاخيرة و لا اعتقد انه انهيار

    على العموم اعتقد ان معادلات الحضارات اختلفت الان بسبب العولمة التي تعتبر ضاهرة جديده بالنسبة لعصرنا , و كل شيء سيصلنا ولا داعي للقلق كما قال ورن بفيت موخرا” لاعتقد ان التكنولجيا اذا صنعت في الهند ستؤثر علينا التكنولجيا ستصل الينا سوا اخترعت في الهند او غيرها”

  5. فارس.. شكلاً على المعلومة المفيدة .. لم أفكر بهذه النقطة من قبل، بالفعل العالم تغير، والعولمة لها تأثير كبير .. ولكن وصول التقنية إلى شتى دول العالم لا يعني بأنه لا يوجد فرق بين المصنع والمستهلك. الملاحظة مهمة، ولها بالفعل تأثير على الدورات التي ستحصل في المستقبل، لكن يجب علينا النهوض من وضعنا الحالي. مشكور !

  6. من سنن الله الكونية، أن تتداول الأيام بين الناس، ولكن من سننه أيضا، أن الأيام لا تقبل إلا على كل مجتهد، ولاتدبر إلا عن المتقاعسين، فليس هناك تداول مجانى ياعزيزى حتى ننتظر أن يصيبنا الدور. ورغم أنى أوافقك الرأى فى ان الأيام دورتها أصبحت سريعة، ولكنى أحب أن نترك الأسباب الجاهزة مثل الإستعمار ونحوه، فالإستعمار ذهب منذ ستة عقود، صعد خلالها اليابان ثم كوريا ثم تايوان ثم نمور آسيا والصين والهند، أما نحن فلم نقد شيئا حتى نتفاءل بأن نصيبنا من الأيام أصبح قريبا.

    دمت بكل خير

  7. دكتور إيهاب،

    نعم.. ليس هناك تداول مجاني، وما يصل إلى القمة إلا المجتهد..

    لكني وددت أن ألفت النظر إلى الاحتمالات المتوفرة، خصوصاً لأني أحس بأن الشباب أصابهم اليأس والكل يظن بأننا أمة انهزمت وستبقى مهزومة للأبد.

  8. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    رائع أخى المسعودى
    ممتاز ما شاء الله
    هكذا تنهض الامم والأفراد
    المعرفة اولا المعرفة بقوانين النهضة والتطور اذ كيف تصل لهدف لا تعرفه ولا تعرف شيئا عن ملامحه ولا علامات طريقه
    ظل على ما انت عليه
    ترينا الطرق التى سلكها الاخرون ومنتهى الوجهة والقصد
    ونحن بدورنا نحدد ما نريد ان نصل اليه ونتعرف على معالم الطريق
    والخطو التالية هى الشروع فى السفر
    اخوك محمود الشيخ
    مدونة لا تذهب بعيداً
    http://www.dontgofar.blogspot.com
    قصص رمزية تساعدك فى تغيير الكون

اترك رداً على د إيهاب إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *