قررت أن أبدأ سلسلة قصيرة من التدوينات عن تجارب شخصية مريت بها خلال غربتي التي دامت لمدة ٨ سنين والتي أشرفت على الإنتهاء قريباً، وذلك لأن معظم من أقابلهم وأخبرهم بأني قررت ترك هذا البلد الجميل والعودة إلى الوطن العربي يبدي استغرابة واستعجابه. لهذا، شعرت بأن هناك حاجة ماسة لتصحيح الصورة الوردية التي رسمتها هوليود لدى الشباب العربي عن أمريكا، والتي جعلتهم يكرهون بلدانهم ومجتمعاتهم وفي بعض الأحيان وللأسف ثقافاتهم وعاداتهم.
تدويناتي ستكون متنوعة بعضها عن التعليم وبعضها عن الأعمال وبعضها عن المجتمع، وهي قصص واقعية وقصيرة قد توصل بعض المعلومات للقراء، وهي من واقع عايشته شخصياً وقد لا تكون تعميم عن المجتمع الأمريكي بأسره.
أبدأ بقصة عن المناهج والتي يشتكي منها الجميع في الوطن العربي، والطريف أن الأمريكان أيضاً يشتكون منها 🙂
أذكر أني عدت إلى اليمن بعد إنتهائي من دراسة البكالريوس في نظم المعلومات في واحدة من أرقى الجامعات الامريكية، جامعة واشنطن. وقمت بزيارة الحي القديم الذي ترعرعت فيه والتقيت بأحد أصدقاء طفولتي والذي صادف بأنه يدرس نفس تخصصي في أرقى جامعة يمنية، جامعة العلوم والتكنولوجيا. بدأنا نتحدث واشتكى لي مباشرة عن ضعف التدريس في اليمن وضعف المناهج.. إلخ، فبدأت أسئلة عن المواد التي درسها فوجدتها نفس المواد التي درستها وأخبرته بذلك، فقال لي يا عماد أنت في سياتل على بعد خطوات من مقر شركة مايكروسوفت، ومناهجكم أكيد كانت أفضل من مناهجنا، فقررت التعمق معه في هذه النقطة. فسألته مثلاً عن أهم مادة في تخصصنا وهي تصميم وتحليل قواعد البيانات واستفسرت عن نوعية قاعدة البيانات التي يستخدموها، فأشتكي لي بأنهم يستخدمون أوراكل. طبعاً صدمني رده لأني عانيت كثيراً مع البروفسيور الذي درسني لأنه أصر على استخدام قاعدة بيانات أكسس في تدريسنا، وهي بدائية مقارنة بالأوراكل. وبالفعل اشتكتي للمدرس عدة مرات لأني أعلم بأن سوق العمل والشركات الكبيرة تستخدم الأوراكل وسيكول سيرفر، ولكنه رد لي (وهو محق) أنا الأهم هو فهم كيفية عمل قاعدة البيانات نظرياً أما بالنسبة للتطبيق فكلها تستخدم نفس النظريات. لم يصدقني صديقي وظن بأني كنت أمزح معه.. ولكني أعتقد بأنه اكتسب ثقة أكبر بالعلم الذي جمعه في جامعتنا اليمنية المتواضعة.
هذا مثال بسيط.. وهناك أمثلة عديدة عن قصور المناهج الدراسية في أمريكا.. فكم مرة يتم تدريسنا مواد من كتب قديمة أصبحت تراث تقني ولا يجدر تدريسها، هذا بالإضافة إلى مشكلة أخرى يعاني منها الجميع هنا وهي تكلفة شراء هذه المناهج الباهضة. أذكر أني كنت أحياناً أقرر عدم شراء بعض الكتب نظراً لارتفاع سعرها واكتفي بالاستعانة بالمدرس والزملاء. ولكي أكون صادقاً معكم.. أظن بأن المشكلة الحقيقية ليست في المنهج، وإنما في شيئين: أسلوب المعلم في التدريس، فللأسف الطريقة التقليدية التي تركز على الحفظ طاغية في الوطن العربي وهي مشكلة حقيقية ولكن الجميل أنها ليست مشكلة مؤسساتية وإنما مشكلة شخصية، يعني من الممكن أن يسعفك حظك وتجد دكتور متفهم ولديه أسلوب عملي في التدريس. والشيء الثاني هو رغبة الطالب في التعلم، فصاحب الرغبة والهمة العالية يمكنه تعلم كل شيء اليوم عبر الإنترنت !
مبادرة ممتازه , وكنت اتمنى ان تبدائها من قبل ذهابك الى امريكا وكيف حصلت على المنحة الخ
اما بالنسبة للموضوع اعلاه فعندي ملاحظة
اقتباس من قصص من أمريكا – المناهج
((فللأسف الطريقة التقليدية التي تركز على الفهم طاغية في الوطن العربي))
وانا اختلف معك في هذه النقطة , النظام التعليمي في الوطن العربي يعتمد على التلقين والحفظ والحفظ ولا شئ غير الحفظ
سلام أكرم.. ههه خطأ مطبعي.. أكيد الحفظ .. صححت الخطأ.
بالنسبة لسؤالك.. أنا لم أحصل على منحة من حكومتنا الرشيدة على الرغم من أن معدلي كان ٩١ علمي، بل ذهبت على حسابي الخاص، ولكني من مواليد أمريكا وهذا سهل لي أمور كثيرة والحمد لله.
شكرا اخي عماد على المقال الرائع و كما يقول المثل كل طرق تؤدي الى روما فالاهم هو الغاية و ليست الوسيلة سواء درست في الداخل او الخارج الاهم هو وصول لمستواى في تخصص متقدم و كما قلت يمكن تعلم كل شيء الان عبر الانترنت ..
بدايه موفقه اخي عماد. وانا ساكون من المتابعين لهذه القصص بشوق.
وانا اتفق مع الاخ اكرم حبذا لو بدأت من عند وصولك الئ امريكا.
“لكن الجميل أنها ليست مشكلة مؤسساتية وإنما مشكلة شخصية، يعني من الممكن أن يسعفك حظك وتجد دكتور متفهم ولديه أسلوب عملي في التدريس”
هذا ما حدث معي بالظبط هذه السنة .. لدينا مادة في كلية الهندسة تُسمي “Structure” تهتم بدراسة المنشئات وكيفية التخطيط لها .. كنت أظن أنها مادة قديمة لا فائدة منها وذلك عندما كان يشرحها دكتور شيخ شاب الشعر في رأسه ولا يستطيع أن يُفهمنا منها شيئاً ولكن عندما تم تغيير الدكتور بآخر مُتخرج من جامعة أجنبية وشاب لا يتخطي عمره الـ40 عاماً تغيرت نظرتي لتلك المادة وأصبحت أسمع للدكتور أكثر وأكثر.
اعتقد ان هوليود بالفعل بالغت!!!
اذكر انني ذات يوم قرأت كتاب للكاتب الأمريكي المعروف رووس كييك بعنوان”خمسون حقيقة لا ينبغي أن تعرفها” و من إحدى هذه الحقائق :الأخطاء الطبية تقتل (في الولايات المتحدة فقط) 100 ألف شخص في العام!!
بينما الناس هنا يشتمون و يلعنون لوجود مثل هذه الأخطاء و دائماً ما يضربون الأمثال بحضارة و تقدم تلك الدول ولا ننفي بتطورها و لكن لا لحد التمجيد و التبجيل .
فعلاً اعتقد انك محق عزيزي عماد فالسببين الذين ذكرتهما هم لب الموضوع.
تقبل خالص مودتي
موضوع جميل جدا. وأنا اؤيد كلامك. أنا درست بكالوريوس كمبيوتر في الأردن والآن انا في امريكا احضر للدكتوراه. استغربت مثلا ان طالب البكالوريوس في الحاسب الالكتروني هنا ممكن ان يتخرج دون ان يدرس مواد اساسيه ومهمه مثل (operating system and compiler)
المشكله في بلداننا العربيه ليس ضعف المنهاج وانما اسلوب التدريس الذي يعتمد على الحفظ فقط كما ذكرت. طلاب البكالوريوس في البلدان العربية لا يتعلمون كيفية البحث عن المعلومة خارج الكتاب المقرر ولا يتعلمون كيفية شرح مشروعهم امام الطلاب الخ
شباب سعيد جداً أن الموضوع نال إعجابكم وحمستوني لكتابة قصص أخرى كثير صدمتني وأتوقع أنها ستصدم أي شاب عربي يتطلع إلى الغرب على أنه عالم آخر.
أحسنت أخي عماد…
سلسلتك هذه هي أول أجابة لسؤالي وهو الوجه الحقيقي للدراسة في أمريكا والغرب عموما وماهي العيوب للدراسة هناك…
كل المقالات التي أقرأها عن الشباب القادم من الغرب هي مديح وإنبهار وإن كان ذلك صحيح فهذا لا يعني خلو تجاربهم من الأشياء السلبية وللأسف أنها لا تذكر في مقالاتهم أو تقاريرهم. فغالبا ماترى الصور الملونة الرائعة والإبتسامات الكبيرة.
أركز على الأشياء السلبية لأنها فيها ضرر في حال حدوثها والضرر يسبب النقص وهو مالايريده أي شخص أما الأشيا الإجابية فطبيعة الحال أنها مفيدة والفائدة عبارة عن زيادة في الخير وهو مايطمح له كل إنسان على هذه البسيطة.
أخي عماد أريد منك أن تركز على الجانب الديني أيضاً كيف كانت تجربتك في الممارسات الدينية هلي أفضل هناك أم في بلدك الحبيب اليمن… هذا جانب داااااائم مايغفل عنه الجميع وهو لو نظرت لهم هو الأصل من وجودنا على هذه البسيطة.
أنا طالب رياضيات تطبيقية من المغرب
إحب أن تشاركنا بتجربتك
أريد أن أضيف أنه أثناء إجتيازنا للإمتحانات تمنع أي وثائق أو مراجع ..لكني لاحظت في امتحانات لجامعات فرنسية (التي نتبع نظامها) عبارة يسمح الإستعانة بالوثائق والمراجع…
أمر آخر السنة المقبلة أود القيام بدراسة الدكتراه.. وقد تم عقد شراكة بين قسم الرياضيات لدينا بجامعة هولندية ستقدم منحة شهرية بقيمة 2000 أورو لمن يود إعداد الدكتراه بها-تخصص رياضيات- بما تنصحني.. خاصة أني علمت أن الجامعة أقدمت على ذلك لأن الطلاب الباحثين في الرياضيات قد إنقرضو منها
شكراً
بداية موفقة وفكرة جميلة ،،
وهناك أمور كثيرة أككيد لاحظتها نحن كمسلمين وعرب أفضل منهم نود التركيز عليها منها الأمور الإجتماعية.
مدام أولى حلقاتك عن التعليم فأحببت مشاركتم هذا الفيديو
http://www.youtube.com/watch?v=c507xwTE7X0
وبالتوفيق
أخي محمد.. سأتطرق للموضوع الديني… بالفعل هناك تجارب كثيرة في هذا الجانب المهم..
اخي المسعودي
تحية طيبة مرة اخرى اكتشف فارسا اخر في عالم التدوين و الاعمال ويهتم بالنجاع المبني على المبادرة و المثابرة اشكرك واتمنى التواصل معك
عمر دادي من الجزائر
فكرة ممتازة … مشكلتنا ايضا في الجامعات على مستوى العالم العربي اجبار الطالب على دراسة تخصص لا يريده او لا يتمشى مع طموحاته فهذا يؤدي الى عدم ابداع الطالب في هذا التخصص
اخوي المسعودي
مدوناتك رائعة جدا وفيها افكار الكل يحتاجها
اقترح عليك اضافة خاصية الــ sharing through facebook
أبو فهد.. شكراً أخي.. تم إضافة زر أعجبني الخاص بفيسبوك 🙂
اخي ارجو ان تغيرر من حجم النص العربي لأنه فعلا متعب جدا و صغير جدا
ذكرتني في صديق كان يدرس في جامعة عربية ثم انتقل إلى كندا لإكمال دراسته في هندسة الحاسوب
سألته نفس السؤال: كيف المناهج عندكم هل هي أقوى من عندنا؟
اجابته صدمتني عندما قال: نفس المناهج
لكن الدكتور عندنا يعقد المادة باسلوبه القديم وعندهم هدفه هو بذل كل الطرق في ايصال المعلومة.
قصة رائعة شكرا لك