البيئة الأنسب للإبداع في الاقتصاد العربي

بدأت أفكر مؤخراً في الاقتصاد العربي وفي أقسامه المختلفة لكي أحدد القسم الأسهل والأكثر قابلية للإبداع والاختراع. أخذت بعين الاعتبار مدى صعوبة البدء في كلاً من الأقسام، ومتطلبات رأس المال والبنية التحتية والمعاملات الحكومية وغير ذلك.. قبل أن أتعمق في نتائج تحليلي، سأقوم بسرد أقسام الاقتصاد على حسب فهمي: الزراعة – التصنيع – المبيعات – الخدمات. قد تكون هناك أقسام أخرى قد غابت عني، ولكني أرى بأنه هذه هي الأقسام الرئيسية.

لا شك في أن للزراعة أهمية كبيرة خصوصاً في مجال الاكتفاء الذاتي ومع تزايد أسعار المنتجات الغذائية مؤخراً في السوق الدولي، ولكني أرى أن الإبداع في هذا المجال يتطلب جهد كبير. أما بالنسبة للتصنيع، فعوائده على الاقتصاد وفيرة ولكن يصعب على فرد أو عدة أفراد الإبتكار في هذا المجال والتنفيذ لكبر رأس المال المطلوب. وطبعاً نطاق المبيعات بالجملة والفردي يبقى مفتوح وسهل ولكن يصعب الإبداع فيه لأن البضاعة التي قد تبيعها حصرياً اليوم يمكن استيرادها من قبل شخص آخر غداً. إذاً، يبقى لدينا القطاع الخدمي. أعلم بأني قد قمت بتعميم بقية الأقسام وتجاهل الفرص السانحة في كلاً منها، ولكن غايتي اليوم هو التركيز على النطاق الخدمي واستعراض الفرص المتوفرة فيه وأسباب اختياري له كالقسم الأنسب للإبداع والاختراع فيه.

يشكل القطاع الخدمي 40% من الدخل القومي للولايات المتحدة الأمريكية، ويتضمن هذا القطاع الكثير من الأقسام مثل: البنوك، شركات الاستشارات، السفريات والسياحة، شركات المحاسبة، الشركات التقنية… إلخ. يتميز هذا القطاع بسهولة متطلباته، فرأس المال، والبنية التحتية، والعقود والتصاريح الحكومية ليست بنفس مستوى الأهمية مثل بقية قطاعات الاقتصاد. إن أهم قسم في هذا القطاع هو فكرة المشروع وكفائة الأيدي العاملة والإبداع. جميع هذه المكونات متوفرة في الوطن العربي وفي منال معظم الشباب الباحث عن فرص للإبداع.

إن كنت تبحث عن فكرة مشروع جديد ومميز لا تفكر في استيراد بضاعة وبيعها، ولا تفكر في تصنيع منتج جديد إلأأ إن كانت لديك الموارد المطلوبة ورأس المال المناسب. نصيحتي للشباب الطموح التوجه إلى القطاع الخدمي، فكر في خدمة تستطيع أن تقدمها لغيرك مقابل رسوم معينة. إن مثل هذه الأفكار والمشاريع تتميز بعدم تطلبها لمكاتب كبيرة في مواقع استراتيجية في المدينة، وكذلك عدم حاجتها لطاقم عمل كبير ومواد بناء ..إلخ. قد تكون خدمتك مجرد تزيين لحدائق الفلل، أو تسويق عقارات للبيع، أو استقبال رجال الأعمال الأجانب ومساعدتهم في رحلتهم التجارية. لا يمكن حصر الأفكار التي يستطيع أي شخص أن يقوم بتنفيذها بكل سهولة طالما توفرت فيه متطلبات العمل من لباقة وخبرة في المجال وسعة الصدر.

الأمثلة التي ذكرتها هي أمثلة تقليدية ولكنها خطوة أولى تبين مدى سهولة الاستثمار في القطاع الخدمي ومدى أهميته. مع إنتشار ظاهرة العولمة ومع ازدهار تقنيات الإنترنت، يمكن لأي شاب أن يقوم بتوفير خدمة معينة للزبائن محلياً ودولياً. أبسط مثال على ذلك هو الترجمة (عربي/إنجليزي)، فهناك العديد من المواقع المتخصصة التي يتم فيها تنزيل مناقصات على مشاريع ترجمة للافراد، ويمكن لأي شاب أن يقوم بتقديم هذه الخدمة من مدينته لزبائنه في شتى أنحاء العالم. برمجة الحاسوب، والرسوم الهندسية، وكل ما يمكن إرساله بالبريد الإلكتروني هي عبارة عن خدمات يمكن تقديمها عبر الإنترنت. كل ما عليك فعله هو تحليل السوق لمعرفة الخدمة المطلوبة، ومن ثم تأهيل نفسك لتقديمها.

تعليقان (2) على “البيئة الأنسب للإبداع في الاقتصاد العربي”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *