في الوليمة.. ركز على اللحم 

أقابل الكثير من الشباب الذين يحاولوا بناء مشاريع مميزة وفي ظل بحثهم عن التميز والإبتكار ينتهي بهم المطاف عند فكرة قد تكون مبتكرة ومميزة فعلاً لكنها تستهدف شريحة صغيرة جداً من السوق. بعض الشباب يتجنب الأسواق الكبيرة والواضحة والمهمة لأنها تبدو تقليدية نوعاً ما، وقد لا يستطيعوا إضافة أي فكرة جديدة لهذه الأسواق، فمثلاً الكثير يبتعد عن سوق التجارة الإلكترونية، والطعام، والمواصلات، والسفر، والعقارات، والسيارات، والوظائف، والبنوك، والتأمين، وغيرها من الأسواق الرئيسية لأنها قد تبدو متشبعة أو تقليدية وليس فيها أي مجال للتجديد. 


التقيت قبل فترة في دبي برواد أعمال يمنيين يعملون على مشروع جديد في مجال الإنترنت، وكنت أحاول مساعدتهم في تقييم فكرة المشروع، وترتيب خطوات بناء فريق العمل وتطوير المنتج والحصول على التمويل. لكن أكثر ما ركزت عليه معهم هو فكرة المشروع نفسه والمجال الذي اختاره الشباب، حيث كان من الواضح جداً لي على الأقل أن الفكرة تعمل في إطار ضيق ومحدود وتستدف شريحة صغيرة من السوق وأيضاً لم أكن متأكد من مدى الجدوى الاقتصادية لها.

لإقناع الشباب وتوصيل المعلومة لهم بشكل واضح أستخدمت هذا التشبيه الذي أعتقد أنه يمكن استخدامه من قبل أي رائد أعمال يحاول اختيار سوق أو مجال جديد يعمل به. عندما تقرر بدأ مشروع جديد تخيل أنك معزوم في وليمة فيها ما لذ وطاب من الأطباق، يتوسطها أطباق اللحوم الرئيسية وفيها المندي والمضبي والحنيذ والمشاوي والكباب والكفتة وبجوارها أطباق الدجاج وربما الأسماك والجمبري وطبعاً يوجد أطباق مليئة بالرز والمكرونة والخبز، وأخيراً نجد أطباق السلطة المتوسطة الحجم، والكثير من الأطباق الصغيرة المليئة بالمقبلات، وربما صحون صغيرة بها القليل من المكسرات والزبيب. 

الأسواق بالنسبة لي هي عبارة عن وليمة، ومن البديهي من وجهة نظري أن نركز على الأطباق الرئيسية بدلاً من التركيز على الأطباق الصغيرة جداً. لهذا أخبرت أصدقائي بصراحة وقلت لهم، أعتقد أن فكرتكم هذه أشبه بطبق الزبيب، فقد تركتم الوليمة كلها وركزتم فقط على الزبيب. صحيح أن الزبيب لذيذ وصحي، لكن هناك أطباق أهم وأكبر. 

ما يعجبني في هذا التشيبه هو أن العمل به يختلف من سوق إلى آخر. فمثلاً إذا كنت ستطلق مشروع في أمريكا، فبالتأكيد معظم وإن لم تكن جميع الأطباق الرئيسية قد تم أكلها من ناس سبقوك، فقد وصلت للسوق متأخراً، فمثلاً سوق التجارة الإلكترونية، والسفر والسياحة، والتوصيل وغير ذلك قد استنفذ بشكل كامل تقريباً .لهذا نجد أن معظم المشاريع الجديدة في أمريكا متخصصة بشكل كبير وبالفعل تركز على جوانب معينة فقط، وذلك لأن المجالات الرئيسية أصبحت متشعبة. ولكن من الخطأ الكبير أن نقوم بتقليد توجه المشاريع الجديدة في أمريكا عندما نحاول إطلاق مشاريعنا في الوطن العربي، فأسواقنا لازالت بالفعل بكر، والعزومة لم يصل إليها أحد أو وصل إليها البعض فقط ولازالت الفرصة كبيرة أمامنا، لهذا لا تستحي، شمر عن ذراعك ومد يدك لطبق اللحم واستمتع بالوجبة الدسمة. طبعاً أكتب هذه التدوينة وأنا صائم، لهذا قد تجدوا أني مركز جداً في موضوع الأكل وأنواعه 🙂 

ملاحظة أخيرة ومهمة جداً:
إذا وصلت إلى عزومة ووجدت أن طبق اللحوم الرئيسي قد تم أكله بشكل كامل ولم يبقى فيه سوى الفتات، وقررت أن تتوجه إلى طبق الدجاج مثلاً، ولكنك فوجئت بأن هناك ٤ أشخاص يقفون بجوار طبق الدجاج والكل يعلن بأنه ينوي أكل طبق الدجاج، وأحدهم بالفعل مد يده وتذوق الطبق، فهذا لا يعني أن الطبق قد تم أكله. تحرك بسرعة وخذ جزء من الطبق الذي أمامك وأبدأ بتناول وجبتك، وإذا كانت لديك المهارة والجرئة والقدرة لا تتردد في سحب الطبق بالكامل من أمامهم واستمتع بوجبتك. 

رمضان كريم وشهركم مبارك  

تعليقان (2) على “في الوليمة.. ركز على اللحم ”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *