ومال الخواجة فين؟

اليوم كنت أقوم ببعض الإتصالات لترتيب لقاءات تعارف مع بعض شخصيات المهمة في السوق العقاري المصري، وواجهتني مشكلة الوصول إليهم بسبب أشخاص في الوسط يبدعون في تصعيب الأمور، فتذكرت موقف حصل لي قبل عدة سنوات، وقررت أن أكتب عنه لكي يستفيد الشباب من كيفية التعامل مع هذه المواقف.

بسبب حبي للمبيعات وتطوير الأعمال، واجهت هذه المشكلة مراراً: السكرتير أو حتى البواب أو الحارس يعرقلك ولا يمكنك من الوصول إلى الشخص الذي تريده والذي عادة ما يكون على استعداد تام لمقابلتك ولا يشغله شيء. المهم، كنت في أحد الأيام أرتب لزيارة خاطفة للقاهرة وأحببت أن أستفيد منها قدر الإمكان، فقررت ترتيب بعض المقابلات قبل أن أصل إلى القاهرة لاختصار الوقت، فخطرت في بالي حيلة بسيطة وفعالة. رفعت السماعة من أمريكا وأتصلت بالشركات المستهدفة، وعندما يرد علي موظف الاستقبال أرد عليه باللغة الإنجليزية وبلهجة أمريكية بحتة (قدر المستطاع)، وغالباً ما يتلعثم الموظف حتى الذين يعملون في أرقى وأكبر الشركات، وبدلاً من استجوابي يقوم بتحويلي إلى الشخص المطلوب مباشرة. المضحك أن البعض كان يرتبك ولا يدري ما يفعل فيغلق السماعة (ربما لكي لا يحرج نفسه أمام زملاؤه). المهم.. وجدت هذه الطريقة فعالة جداً، فقررت استخدامها ليس فقط لاجتياز الخط الأول من الموظفين بل ولترتيب المقابلات، فعندما كنت أصل إلى الشخص المطلوب أخبره بأني John أو Dave مدير العلاقات العامة في شركتنا الأمريكية، وأن مدير شركتنا سيزور القاهرة لساعات قليلة ويود مقابلتكم بصفة شخصية. طبعاً، كان معظم هؤلاء الأشخاص من الوزن الثقيل ويبدأ محاولة الاستفسار عن نوع المقابلة، ولكني كنت أعمم الكلام واستخدم مصطلحات مثل (شراكة تعاون استراتيجية، وكلمات أخرى كبيرة ومبهمة) وفي النهاية أضغط على بعضهم لكي يعدل جدوله المزحوم ليجد متسع لمدير شكرتنا الأمريكية.

رتبت بضعة مقابلات، وبصراحة كانت النتائج ممتازة. لكن الطريف أن إحدى كبار هذه الشركات، كانوا قد أعدوا لي اجتماع أكبر مما أتصور، فوصلت أنا ورفيقي على تاكسي متواضع، ونزلنا أمام المنطقة التي تقع فيها الشركة والتي لا تسمح للتكاسي بالدخول، وأتصلنا بالأخ الكريم، فسارع للخروج إلينا بسيارته. أوقف سيارته أمام بوابة المجمع، وبدأ بالبحث عن الشخص الذي اتصل به وأنا ورفيقي أمامه، أطال البحث والنظر فسألته هل أنت فلان، قال نعم، فعرفعته بنفسي وركبت معه السيارة وهو مصدوم وغير مستوعب لما حصل، طبعاً لم يكن يتوقع شابين عاربيين في أوائل العشرينيات. حاول الترحيب بي والمجاملة، ولكنه لم يمتلك نفسه وسأل: “ومال الخواجة فين؟” طبعاً، أخونا بعد ما أتضحت له الصورة نسبياً، اتصل بمساعدته وأخبرها بأنه تحول موقع الاجتماع فبدلاً من مقابلة رئيس مجلس الإدارة، سيكتفي هو بمقابلتي في مكتبه. لكن الجميل أني لم أضيع وقته، فالخدمات التي عرضتها عليه كانت ممتازة ونالت إعجابه ودخلنا في التفاصيل وكيفية إبرام الإتفاقيه بيننا. لكني متأكد من أنه كان لا يزال يتساءل في قرارة نفسه “ومال الخواجة فين؟”.

12 تعليقا على “ومال الخواجة فين؟”

  1. ذكرتني بتدوينتك السابقة عن كيفية الوصول للوظائف (ايضا عن طريق الهاتف) و اجتياز عقبه السكرتير و الموارد البشرية ،،

    لا اخفيك لا ازال اتردد في اجراء هذا النوع من الاتصال خوفا من عدم الرد او ترك انطباع سيء لدى الشخص الي انوي مقابلته !! ( خصوصا اني لا اتحدث الانجليزية باللهجة الامريكية القحة 🙂 ) ،،

    فما رأيك في الحل لهذا التردد؟

  2. عماد دائما مبدع و دائما اطر و موضفي شركة يسعون قدر الامكان لاظهار هيبة شركة و اطالة طريق الوصول للمدير و انت و جدت حلا رائع اتمنى لك توفيق

  3. دائماً مااستفيد من تدويناتك ..
    دائماً موفق بالاختيار .. اشكرك اخي عماد
    على العرب تعلم التواضع قبل كرمهم

  4. فكرة طريفة ولكن مفيدة
    وصدق الذي قال الحاجة ام الاختراع
    لقد مررت بتجربة مشابهة ففي أحد المناسبات وردني اتصال لمقابلة عمل ولكي أؤكد على أفضليتي تحدثت العربية العصرية ” كلمتين عربي مزنوق بينهم انكليزي” وطبعا ظن المتحدث اني سيدة أعمال من العيار الثقيل فرتب الموعد كما أريد
    و لكن لا أظهر هنا أني نافقت أو اصطنعت انما احتلت ومن لا حيلة له فاليحتال ولكنه احتيال بسيط لا ضرر فيه.
    فنحن في مجتمع يعتبر الناجح هو الشخص “المتأمرك” من يتحدث كلمة عربي و 10 انكليزي مما يدل على ثقافته وكونه عصريا ومحترفا حتى لو كان شخصا لا يعرف “الخمسة من الطمسة” لذى علينا حل عقدة الحواجة لداخلنا أولا…. 🙂

  5. ياريت واحنا نستطيع اللحاق بكم يااخ عماد ونتمنى ان تمد نا بالمساعده
    والاستشاره بماتوصلت اليه وما منحك الله اياه من الشجاعه والجراءه والاقدام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *