ورطة اختيار التخصص الجامعي

لا زلت أتذكر الضغط الكبير الذي كان يقع على عاتقي وعلى عاتق جميع زملائي في السنة الأخيرة من الدراسة الثانوية، خصوصاً لأن نتيجة تلك السنة هي التي ستحدد تخصصي ومستقبلي. العديد من الجامعات العربية تقوم بقبول الطلاب للتخصصات بناءاً على درجة التخرج، فأصحاب المعدلات العالية يتم قبولهم في الطب ويليهم طلاب الهندسة ومن ثم التجارة والزراعة والآداب وغيرها من التخصصات.

من الواضح أن سبب هذا التقسيم هو ترتيب عملية القبول والتخفيف من الضغط على التخصصات المرغوبة مثل الطب والهندسة، ولكن إذا وقفنا مع هذا النظام وقفة قصيرة، نجد أن فيه خلل كبير قد تفوق آثاراه تصورات القائمين عليه. ماذا عن الطالب المتفوق في الأحياء والكيمياء والراغب في التخصص في مجال الطب ولكن مجموعه الكلي غير مناسب لأنه لا يبدع في الفيزياء والرياضيات واللغة العربية؟ فلو أن الفرصة سنحت له في دخول التخصص الذي يحبه ويعشقه لربما أصبح جراح عالمي ذو صيت وشهرة. والحزين أن معدل هذا الشاب قد يجبره على التخصص في الهندسة أو التجارة أو أي تخصص لا يناسبه إطلاقاً.

هذا هو الهم الأكبر للشباب المتفوق والقادر على تحديد التخصص الذي يحب أن يلتحق به، فماذا عن البقية وهم الأغلبية الذي ينتظر أن يتخرج من الثانوية ليبدأ في التفكير في التخصص أو ليترك معدله يحدد له مجال تخصصه ومستقبله. لماذا لا توجد برامج تساعد الطلاب على استكشاف التخصصات والنطاقات العملية من السن المبكر – أقصد الإبتدائية والإعدادية. فلو أن أطفالنا بدأوا في التعرف على الخيارات المتوفرة منذ الصغر، لأستطاعوا أن يوجهوا مسار دراستهم لكي يصلوا إلى التخصص المنشود. أرى أن حل هذه المشكلة يقع في يدي الوالدين والمدرسين؛ يجب على كلا الطرفين مداعبة أحلام الأطفال منذ الصغر لكي يبدأوا في التفكير في مستقبلهم، ولكي يشعروا بقيمة وأهمية دراستهم التي ستصل بهم إلى هذه الأحلام.

أما بالنسبة لما ذكرت سابقاً عن التخصصات والدرجات والنظام الجامعي، فيمكننا أن نتبع المنهج الغربي في هذا المجال. معظم الجامعات الأمريكية لا تقوم بالتركيز على المجموع الكلي فقط، وإنما يتم الاهتمام والتركيز على الدرجات التي حصل عليها الطالب في المواد المتعلقة بالتخصص، فالرياضيات والفيزياء مادتان أساسيتان لتخصص الهندسة بكل أنواعها، والأحياء والكيمياء للطب، إلخ. لذى، يجب على جميع الجامعات التي تعمل على النظام القديم أن تقوم بإتباع هذا النظام، أو أي نظام مشابه يقوم بفرز الطلاب على حسب ملائمتهم للتخصص المعروض وليس على حسب معدلهم الكلي.

7 تعليقات على “ورطة اختيار التخصص الجامعي”

  1. أعتقد أن النقل من الاعدادية الى الثانوية يعتمد على الطريقة التي تتحدث عنها و هذا ما يجري في ليبيا كما أن الثانوية تخصصية و أما الجامعات فلا علم لي ان كانت تتبع هذا النظام حاليا أم لا

  2. السلام عليكم

    كلام سليم طبعاً ، لكن برأيي أن المشكلة هي أكثر من كونها مشكلة وضع نظام تعليمي، المشكلة هي سلسلة من المشاكل المتصلة ببعضها البعض، مشكلة عدم وجود فرص عمل خلقتها خلو البلدان الإسلامية من الشركات العملاقة التي تستوعب ٧ أو ٨ آلاف موظف وعليه بني هذا التهافت على ترتيب التخصصات وعليه كانت هذه المشكلة، نسأل الله الفرج …

    والحمد لله

  3. كلام سليم أستاذنا الكريم عماد .. بالفعل كما قلت التعليم مشكلة كبيرة فمثلاً في مصر الهم مضاعف مرات عديدة فلدينا سنتين هي المرحلة الثانوية العامة !!! هل يمكنك تصور ذلك وكما أن الدرجات المطلوبة لدخول الكليات التي ذكرتها تبدوا بعيدة المنال فإذا أردت دخول الطب عليك الحصول على مجموع يفوق الـ98% ! والهندسة فوق الـ94% هل يمكن أن ترى هذا فمثلاً إذا أردت تخصص هندسة علي الحصول على مجموع 94 والمجموع النهائي لهذه السنتان 410 درجات أي أني إذا نقصت أكثر من 24 درجة في 10 مواد فلن أستطيع دخول كلية الهندسة بينما الطب 8 درجات !! والمواد حدث ولا حرج مواد لا قبل لإنسان بشري بها ! 3 لغات فرنسي 50 درجة العربي خلال العامان 60 درجة الرياضيات خلال العامان 100 درجة الفيزياء والكيمياء والأحياء كلاً منهم 50 درجة فلو مثلاً حصلت على مجموع سيء في اللغات هذا يعني أني دمرت مستقبلي كطبيب ومهندس !!!!!!!

    شكرا لك أستاذ عماد على هذه اللفته الطيبة.

  4. السلام عليكم

    اسمح لي في اول تعليق لي بالاعجاب بهذه المدونات وماتحمله من افكار رائعة

    اما بالنسبة للتخصصات فقد اقتربت بالطرح من مشكلة مزمنة في الوطن العربي بشكل عام وهنا في اليمن بشكل خاص

    اعتقد ان للمشكلة عدة اسباب تبدأ بالأسرة مرورا بالمجتمع المحيط وانتهاء بالقائمين على قطاع التعليم رفقة القطاع الخاص التجاري

    فعندما تتوجه الى اي كلية لاتعرف اغلب تخصصاتها وفيما تستخدم او مجال العمل المتاح واهم هذه الكليات الهندسة
    فأنا كخريج هندسة كهربائية عانيت الأمرين عند الاستقرار بهذا التخصص بسبب نظام التعليم البدائي وادارة الجامعات المسيسة …

  5. هنا بالمغرب هناك أقسام تحضيرية ، تخرج أفضل المهندسين تأخذ فقط بمعلات المواد المطلوبة كالفيزياء والرياضيات لكن باقي المسالك لا يوجد نفس الشيء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *