تقنية بدون تنفيذ كسيارة بدون سائق

يقع الكثير من التقنيين والمبرمجين في خطأ شائع عند تأسيسهم لشركة أو مشروع تجاري، فطبيعة عمل هذه الفئة من رواد الأعمال تجرفهم إلى التعمق في الجانب التقني وتطوير المنتج بمواصفات ممتازة، بينما يتم التقصير في الجانب الأهم من المشروع وهو تطوير الأعمال وتنفيذ المشروع على أرض الواقع، أي التسويق، المبيعات، الإدارة.. إلخ.

وتحقيق التوازن بين تطوير المنتج وتطوير الأعمال يحتاج لمهارة إدارية، فطاقة فريق العمل وميزانية الشركة محدودة. فإذا تم تطوير المنتج وإضافة كافة المواصفات والمميزات له، لن تستطيع الشركة تحقيق أي تقدم في السوق لأستنزافها لطاقة وميزانية العمل، والعكس صحيح، فلا يمكن تسويق وبيع منتج سيء غير قادر على المنافسة بجدارة. إذاً، ينبغي على فريق العمل ترتيب الأولويات والتركيز في البداية على المواصفات المهمة والمصيرية، وتأجيل المواصفات الإضافية والتي لا يحتاجها العميل ولكنها مرغوبة.

وجرت العادة لدي باستخدام مثال يثبت بأن التقنية بدون تنفيذ كسييارة بدون سائق. ويؤسفني أن أستخدم نفس المثال دائماً، ولكنه بالفعل مثال لمنتج تم تصميمه بدقة وجودة متناهية ولكن لم يتم تنفيذ المشروع بالشكل السليم إطلاقاً. مسافر.كوم موقع عربي إماراتي لعله الأفضل بدون منافس في باب البحث عن تذاكر الطيران في كافة الشركات العربية، وقد تم تطوير الموقع بشكل ممتاز، فآلية البحث والحجز دقيقة، وواجهة الموقع رائعة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ولكن هل سمعت عن هذا المشروع من قبل؟ موقع مسافر مثل السيارة الفاخرة ذات المحرك القوي والكراسي المريحة والتصميم الأخاذ، ولكنه بدون تنفيذ كالسيارة بدون سائق، واقفه مكانها، الكل يمدحها ولكنها لا تتحرك ولا تنتج ولا تفيد.

عندما تصمم سيارتك، ركز في البداية على الهدف الرئيسي منها، وهو التنقل من نقطة إلى أخرى. عندها، يمكنك أن تعرضها على عدة سائقين لتجربتها، ويمكنك استخدام رأيهم وتعليقاتهم لتحسين السيارة وإصلاح اي أخطاء فيها. ومن ثم تدريجياً، قم بإضافة المواصفات الأخرى، وأبدأ بالتركيز على تحسين أداء السيارة وتطويرها. حاول أن توازن بين التطوير والتنفيذ، وتذكر بأن التقنية بدون تنفيذ كسيارة بدون سائق.

5 تعليقات على “تقنية بدون تنفيذ كسيارة بدون سائق”

  1. أتفق معك فيما ذكرت …. ولكن ربما يعود ذلك إلى ان نسبة لا باس بها من المبرمجين او المصممين على حد سواء ليس لديها معرفة جيدة بالإدارة ومشتقاتها المختلفة ….وهذا الأمر يقف عقبة أمام الكثير من المشاريع العربية المتميزة ..

  2. جميل أن تصف جميع الأفكار والمشاريع التجارية بوصف “تقنية بدون تنفيذ كسيارة بدون سائق” اعجبني المثل هذا .. وكما قلت في تدوينة سابقة “الفكرة لا تساوي نصف قريش من دون تنفيذ” فما الفائدة من الأفكار والمشاريع البرمجية الضخمة من دون تنفيذها إدارياً ونزولها على ساحة السوق ..؟؟ فأنا أعتبرها من وجهت نظري حلم ظل حبيس الأوراق ..
    أشكرك أخي عماد على التدوينة الرائعة ..

  3. وصف رائع لواقع لخدمات تكنولوجيا المعلومات خاصة و الخدمات بشكل عام، تظافر الجهود و الطاقات المتنوعة أصبح من اساسيات تقديم أي خدمة أو منتج، من أشهر الأمثلة كريج صاحب موقع كريج ليست المشهور الذي اختار ان يعين مدير صاحب خبرة ليدير مؤسسته بنجاح و يتفرغ هو في تقديم خدمات للمشتركين ذلك بعد ان فشل في إدارة المؤسسة و عرف أنه لا يملك مهارات إدارية.

  4. شكرا اخي عماد صراحة اسلوبك في المقالة يبسط الامور بالنسبة لنا لو نظرنا لها من هذا المنظور بدون تعقيد بل ناخذ الامور ببساطة وسهاله اكثر اكرر شكري مره ثانيه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *