عن اهتمام المصريين بالتعليم

أعتقد بأن المصريين أكثر الشعوب العربية اهتماماً بالتعليم، فالمعروف أن مناهجهم واختباراتهم غاية في الصعوبة بالمقارنة مع بقية الدول العربية، ولكني لمست بعض الأمور لم أشاهدها من قبل:

١- فترة الاختبارات النهائية تعلن حالة الطوارئ على مستوى الأسرة: بالطبع أي أسرة تهتم بتوفير الجو المناسب للأبناء والبنات خلال فترة الاختبارات، ولكن يبدو لي أن المصريين يبالغون في الاهتمام بفترة الاختبارات بشكل ملحوظ. مثلاً، أذكر أني كنت أسكن في الإسكندرية بجوار مدرسة إبتدائية، وخلال فترة الامتحانات كنت أستغرب لوجود الأهالي والأمهات خارج المدرسة كل يوم، بصراحة كنت أظن أن هناك مظاهرة أو احتجاج، فسألت أحد الموجودين، فأخبروني انها فترة اختبارات، فأستغربت لمدى اهتمام أولياء الأمور بالاختبارات وبالطلاب بالرغم من صغر سنهم (إبتدائية)، وأعتقد أنها اصبحت عادة لديهم أن ينتظروا أبناءهم عند الخروج من الاختبارات لاستقبالهم والتأكد من أدائهم في الاختبار. هل توجد هذه العادة في بلدك؟ لم أشاهدها في اليمن أو أمريكا حتى في اختبارات الثانوية العامة.

٢- معظم تفاعلي مع الشركات العقارية في مصر يقتصر على مساعدة هذه الشركات في تسويق عقاراتها على عقارماب. تعلمت مع الوقت أن هناك مواسم لبيع العقارات يتم فيها تكثيف الجهود التسويقية، وهناك أيضاً مواسم يتم فيها تهدئة التسويق. من الأوقات التي كنت أتوقع أنه يجب فيها تهدئة التسويق: الأعياد ودخول رمضان وما شابه من مناسبات، ولكن سرعان ما تعلمت أن الشركات العقارية تتجنب الإعلان عن مشاريعها في فترة دخول المدارس (سبتمبر)، وكنت أسأل عن السبب، فالكل يخبرني أن العوائل كلها مشغولة في موضوع المدارس. بصراحة في اليمن كان الموضوع يقتصر على زيارة سريعة للمكتبة نشتري أقلام ودفاتر جديدة وصلى الله وبارك 🙂 لكن يبدو أن المصريين يعطون الموضوع اهتمام بالغ، وبالفعل لاحظت أن هناك حملات تسويقية لشركات خارج القطاع العقاري تركز على موضوع العودة إلى المدارس.

٣- أخيراً، قمت هذه السنة بتسجيل ابنتي في المدرسة، وعندما بدأت عملية البحث عن مدرسة، كنت أبحث فقط عن مدرسة ممتازة بالقرب من المنزل، ولكني تفاجئت بأن عملية التقديم للمدارس عملية معقدة تشبه إلى حد كبير جداً عملية التقديم للجامعات المرموقة في أمريكا. فالحصول على قبول للطالب في المدارس الجيدة أمر في غاية الصعوبة (أنا هنا أتحدث عن المدارس الخاصة العادية وليس المدارس الحكومية أو المدارس الدولية/الأجنبية)، حيث يجب التقديم قبل بدء الدراسة ب ٦ أشهر أو أكثر، وأحياناً تكون هناك نافذة لقبول طلبات التسجيل لا تتعدى الأسبوع، وإذا حاولت التقديم قبل هذه الفترة أو بعدها يتم رفض الطلب، وطبعاً الكراسي محدودة جداً. المهم، بعد ذلك تفاجئت أن المدرسة تطلب عمل مقابلة مع الأب والأم ومعرفة مؤهلاتهم وأيضاً عمل مقابلة مع الطفلة (٤ سنوات) واختبار مهاراتها! وأنا بالفعل لا أتحدث عن مدرسة فاخرة جداً، هي مدرسة جيدة ولها سمعة طيبة ولكنها تقليدية جداً. هنا أحب أن أوضح أن هناك عامل غير اهتمام المصريين يساهم في مثل هذه الطلبات هو زيادة الطلب عن العرض بشكل كبير، لهذا أعتقد أن هناك فرص كبيرة لفتح مدارس جديدة في السوق المصري حيث أن الطلب على التعليم الجيد عالي جداً بالرغم من ارتفاع تكلفته وضعف متوسط دخل الفرد، لكن يبدو أن العوائل المصرية مستعدة لبذل الغالي والنفيس لتعليم فلذات أكبادهم.

فقط ملاحظات أثارت انتباهي فأحببت مشاركتها معكم 🙂

6 تعليقات على “عن اهتمام المصريين بالتعليم”

  1. الشعب المصري له طابع مميز وجميل ، والاهتمام بالتعليم ظاهرة حضارية اذا كانت ضمن الطرق الحديثة ، مقال جميل بارك الله فيك.

  2. نحن هنا اعتقد بدأنا في الخطوة الأولى من خطوات المصريين .. هذا ما ألاحظه من اهتمام أمهات الجيل الجديد ،، ومشوارنا طويل لنصل للأهتمام الكامل من العائلة ككل (أب و أم ) ومدرسة و مجتمع .

  3. كلامك صحيح، الإهتمام بالتعليم في مصر من قبل الآباء وأولياء الأمور تعدى كل حدود المنطق، وتحول الحرص إلى ضغط ثم إلى مأساه اجتماعية. فظهرت الدروس الخصوصية والمدارس الخاصة المبالغ في أسعارها. ناهيك عن أن الضغوط التي يتم ممارستها على الطفل لا ينتج عنها تعليم بل مجرد حرص على تحصيل درجات عالية دون النظر لمدى ما تم تحصيله فعليا في عقول الطلاب.
    المجمل العام أن التعليم في مصر أصبح كارثيا بكل معنى الكلمة، والمحصلة النهائية هي مجرد حشو للعقول دون ممارسة حقيقة لمعنى (التعليم).

  4. في عدن أيضاً وهذه ما ألاحظة أثناء فترة الإمتحانات، الأهالي يقفون خارج أسوار المدارس وأحياناً بدخلون إلى داخل المدرسة ويتجولون بين الصفوف للإطمئنان على أبنائهم، ثم يأتي الحارس ويتوسل لهم للخروج!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *